شجرة الزيتون لا تبكي ولا تضحك .هي
سيدة السفوح المحتشمة .بظلها تغطي
ساقها ،ولا تخلع أوراقها أمام عاصفة.
تقف كأنها جالسة،وتجلس كأنها واقفة.
تحيا أختاً لأبدية أليفة وجارة لزمن
يعيها على تخزين الزيت النوراني وعلى
نسيان أسماء الغزاة،ما خلا الرومان
الذين عاصروها واستعاروا بعض أغصانها
لضفر الأكاليل.لم يعاملوها كأسيرة حرب ،
بل كجدة محترمة ينكسر السيف أمام
وقارها النبيل .في فضة حضرتها المتقشفة
خفر اللون من الإفصاح ،والنظر إلى ما
وراء الوصف ،فلا هي خضراء ولا فضية .
هي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلة
لون .لا يقول لها أحد :كم أنتي جميلة !
لكنه يقول:كم أنت نبيلة وجليلة .وهي,
هي التي تدرّب الجنود على نزع البنادق,
وتمرنهم على الحنين والتواضع:”عودوا إلى
بيوتكم, وأضيئوا بزيتي القناديل”. لكن
هؤلاء الجنود, هؤلاء الجنود الجدد,
يحاصرونها بالجرافات ويجتثونها من سلالة
الأرض …..ينتصرون على جدتنا التي انقلبت
وصار فرعها في الأرض وجذورها في السماء.
لم تبك ولم تصرخ .إلا أن أحد
أحفادها ممن شاهدوا عملية الإعدام ،رمى
جندياً بحجر، واستشهد معها ، وعندما مضى
الجنود منتصرين , دفناه هناك :في الحفرة
العميقة _مهد الجدة .ولسبب ما ،كنا
متأكدين من أنه سيصبح ،بعد قليل ،شجرة
زيتون … شجرة زيتون شائكة ….وخضراء!
اقرأ أيضاً
تعذرت الركائب والمطايا
تعذرت الركائب والمطايا فأوفدنا القلوب إلى السلوم نحث صميمها حبا وشوقا إلى الملك الكريم بن الكريم تعَّهدَ ظلك…
ما بال طيف خيال كان يطرقنا
ما بالُ طَيفِ خَيالٍ كانَ يَطرُقُنا قَد شَمَّرَت مِنهُ أَذيالُ الزِياراتِ إِن كانَ قَد حالَ عَما كُنتُ أَعهَدُهُ…
تطلبت أقدار الرجال ولم تكن
تطلبت أقدار الرجال ولم تكن بذي أدب لا صائك اللَه من غرّ أتحسب أن المجد سهل طلابه فتطلبه…
حظرت على الحي نظم المدي
حَظرْتُ على الحَيِّ نَظْمَ المَدي حِ ومدْحُ الوزير أوْلى بِيَهْ ومنْ كانَ فْخرَ أهلِ الزَّمانِ فانَّ به تَفْخَرُ…
يا قلب كم فيك من دنا محجبة
يا قلبُ كمْ فيكَ مِنْ دُنا محجَّبَةٍ كأَنَّها حين يبدو فجرُها إرَمُ يا قلبُ كمْ فيكَ مِنْ كونٍ…
ومهفهف شكل المجون
وَمُهَفهَفٍ شكل المجونِ أَضنى فُؤادي بِالفُتونِ فَنَسيمُهُ ملءُ الأُنو فِ وَحُسنِه ملءُ العُيونِ
وشادن أحسن في اسعافه
وَشادِنٍ أَحسَنَ في اِسعافِهِ يَقطُرُ ماءُ الظَرفِ مِن أَعطافِهِ
وقاك الله من غلب الرجال
وَقاكَ اللَهُ مِن غَلَبِ الرِجالِ وَصانَ حِماكَ مِن غَضَبِ اللَيالي وَدامَت مُبتَدا فِكرِ الأَماني ذَراكَ وَمُنتَهى شَدِّ الرِحالِ…