خَلَتِ الدِّيارُ كأنَّها لم تُؤهَلِ
ومَضَى النَزِيلُ كأنَّهُ لم يَنزِلِ
والمَرْءُ في دُنياهُ يعرِفُ حاصلاً
فإذا مَضَى فكأنَّهُ لم يَحصُلِ
إنَّ الذي مَلأَ العُيُونَ بأُنسِهِ
مَلأَ القُلوبَ كأنَّهُ لم يَرحَلِ
في كُلِّ نادٍ منهُ ذِكرٌ يُجتَلَى
ولِكُلِّ عينٍ منهُ شَخصٌ ينجلي
يا نازلاً في الأرضِ أكرَمَ بُقعةٍ
إنَّ النزيلَ يَكونُ حَسْبَ المَنزِل
لم تَلقَ أهلاً للإقامةِ عِندَنا
فأقَمْتَ في القُدسِ الشريفِ بمَعزِلِ
لمَّا وَفْدتَ على الدِّيارِ تَعجَّبت
من بعثِ بُولُسَ قبلَ يومِ المَحفَلِ
أنتَ الخَليقُ بأنْ يَزُورَكَ ماشياً
مَن زارَ آثارَ الزَّمانِ الأوَّلِ
تَشْتاقُ طَلعَتُكَ المنابرُ كُلُّها
ويَرِفُّ من طرَبٍ جَناحُ الهَيكَلِ
وتَعافُ أرواحَ الكِباءِ وفَوقَها
لَكَ طيبُ أنفاسٍ كَعرْفِ المَنْدَلِ
نُهدي لصهيُونَ الهَناءَ كحُسَّدٍ
ولثَغرِ بيروتَ العَزاءَ كعُذَّلِ
ظَمأٌ تأجَّجَ في الرِّكابِ فعندما
وَرَدتْ أتاها الرِيُّ قبلَ المَنهَلِ
قَصُرَتْ ليالينا فكُنتَ بِدارنا
كمُسافرٍ لكنَّهُ لم يَعجَلِ
والوَردُ ليسَ يطُولُ عهدُ لِقائهِ
والبدرُ ليسَ بثابتٍ في مَنزلِ
والدَّهرُ بينَ النَّاسِ ليسَ بعادلٍ
والناسُ بينَ الدهرِ ليسَ بأعدَلِ
فانزِعْ إلى دارِ السَّلامةِ في النَّقا
وإذا مَرَرتَ على الحُصَيب فهَرْولِ
وإذا أتيتَ القَومَ فارِبضْ جانباً
وإذا استَطعتَ العيشَ وَحدَكَ فافَعلِ