أَدِرها بِأَمنٍ لا يُغَيِّرُكَ الوَهَم
وَزُفَّ عَلى الجُلّاسِ ما خَلَّفَ الكَرمُ
وَداوِ أَذاها بِالسَماعِ فَإِنَّها
بِلا نَغَمٍ غَمٌّ بِلا دَسَمٍ سُمُّ
مُعَتَّقَةٌ لَو غَسَّلوا مَيِتاً بِها
لَما ذابَ مِنهُ المُخُّ وَاِنهَشَمَ العَظمُ
وَلولا اِتِّقاءُ اللَهِ قُلتُ بِأَنَّها
بِها تَنطِقُ الأَمواتُ أَو تَسمَعُ الصُمُّ
فَلَم يَرَ يَوماً كاسَها مَن رَأى الأَذى
وَلا مَسَّها بِالكَفِّ مَن مَسَّهُ الهَمُّ
فَخُذها عَلى طيبِ السَماعِ فَإِنَّها
بَشاشَةُ وَجهِ العَيشِ إِن عَبَسَ الهَمُّ
وَلا تَخشَ مِن إِثمٍ إِذا ما شَرِبتَها
لِظاهِرِ قَولِ الناسِ إِنّ اِسمَها الإِثمُ
فَما كُلُّ وَصفٍ في الحَقيقَةِ ذاتُه
وَليسَ المُسَمّى في حَقيقَتِهِ الاِسمُ
وَلَو أَنَّ وَصفَ الشَيءِ عَينٌ لِذاتِهِ
أَوِ الذِكرَ لِلشَيءِ المُرادِ هُوَ الجُرمُ
لَمّا ماتَ مَن سَمّوهُ بِاللَفظِ خالِداً
وَلا خَرَّ مَلِكٌ في الثَرى وَاِسمُهُ نَجمُ
كَما خَرَّ نَجمُ الدينِ مِن عَرشِ مُلكِهِ
وَلَم يُغنِ عَنهُ الباسُ وَالعَزمُ وَالحَزمُ
مَضى المَلِكُ المَنصورُ مِن دَستِ مُلكِهِ
وَلَم يُنجِهِ المُلكُ المُمَنَّعُ وَالحُكمُ
مَليكٌ أَفاضَ العَدلَ في كُلِّ مَعشَرٍ
فَلَيسَ لَهُ إِلّا لِأَموالِهِ ظُلمُ
وَما غَيَّبَتهُ الأَرضُ إِلّا لِأَنَّها
لِأَقدامِهِ ما كانَ يُمكِنُها اللَثمُ
وَخَلَّفَ أَشبالاً سَعَوا مِثلَ سَعيِهِ
لِئَلّا يَعُمُّ الناسَ مِن بَعدِهِ اليُتمُ
مُلوكاً حَذَوا في الجودِ حَذوَ أَبيهِمُ
فَفي كُلِّ وَصفٍ مِن نَداهُ لَهَم قِسمُ
وَأَشرَقَ في الشَهباءِ في الدَستِ مِنهُم
وَقَد غابَ عَنها نَجمُها بِدرُها التَمُّ
هُوَ الصالِحُ المَلكُ الَّذي لَبِسَ البَها
وَلِلناسِ مِنهُ فَوقَ ثَوبِ البَها رَقمُ
جَميعُ أَماراتِ الشَهيدِ ظَواهِرٌ
عَليهِ تَساوى الباسُ وَالرَأيُ وَالفَهمُ
وَأَهوَنُ شَيءٍ عِندَهُ الخَيلُ وَاللُهى
وَأَنفَقُ شَيءٍ عِندَهُ النَثرُ وَالنَظمُ
وَأَحسَنُ أَيّامِ السَماحِ وَلودُها
إِذا أَعجَبَ النُجالَ أَيّامُها العُقمُ
وَرَبُّ حَديثٍ مِن عُلاهُ سَمِعتُهُ
لِحُلوِ جَناهُ مِن حُلوقِ النُهى طَعمُ
وَفَيضِ نَوالٍ مِن يَديهِ أَفَدتُهُ
لَهُ في قُلوبِ الناسِ مِن جَسَدي وَسمُ
وَلَمّا أَرادَ الدَهرُ كَيدي فَزُرتُهُ
وَبِتُّ وَلِيَ في صُحُفِ إِنعامِهِ رَسمُ
فَأَخَّرَ صَرفَ الدَهرِ عَنّي فَلا يَرى
مُقابَلَتي لَمّا دَرى أَنَّهُ الخَصمُ