أمرٌ طبيعي

التفعيلة : حديث

أَرَى أُمَّةً في الغارِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ

تَعُودُ إليهِ حِينَ يَفْدَحُهَا الأَمْرُ

أَلَمْ تَخْرُجِي مِنْهُ إلى المُلْكِ آنِفاً

كَأَنَّكِ أَنْتِ الدَّهْر لَوْ أَنْصَفَ الدَّهْرُ

فَمَالَكِ تَخْشَيْنَ السُّيُوفَ بِبَابِهِ

كَأُمِّ غَزَالٍ فِيهِ جَمَّدَهَا الذُّعْرُ

قَدِ ارتجفت فابيضَّ بالخوفِ وَجْهُهَا

وَقَدْ ثُبّتَتْ فاسودَّ من ظلّها الصَّخْرُ

يا أُمَّتي يا ظَبْيَةً في الغَارِ ضَاقَتْ

عَنْ خُطَاها كُلُّ أَقْطَارِ الممَالِك

في بالِها ليلُ القَنَابِلِ والنجومُ شهودُ زُورٍ في البروج

في بالِها دَوْرِيَّةٌ فيها جُنُودٌ يَضْحَكُونَ بِلا سَبَب

وَتَرَى ظِلالاً لِلْجُنُودِ عَلَى حِجَارةِ غَارِها

فَتَظُنُّهم جِناً وتبكي

“إنَّهُ الموتُ الأكيدُ ولا سَبِيلَ إلى الهَرَب”

يَا ظَبْيَتي مهلاً تعالَيْ وَاْنْظُرِي

هَذَا فَتى خَرَجَ الغَدَاةَ وَلَم يُصَبْ

في كَفِّهِ حَلْوىً يُنَادِيك اخْرُجي

لا بَأْسَ يَا هَذِي عَلَيكِ مِنَ الخُرُوج

وَلْتَذْكُرِي أَيَّامَ كُنْتِ طَلِيقَةً

تَهْدِي خُطَاكِ النَّجْمَ في عَلْيائه والله يُعرَفُ من خِلالِك

يا أُمَّنا

والموتُ أَبْلَهُ قَرْيَةٍ

يَهْذِي وَيسْرِقُ مَا يَطيب لَهُ

مِنَ الثمر المبارَكِ في سِلالِك

وَلأَنَّهُ يَا أمُّ أَبْلهُ

فَهْوَ لَيْسَ بِمُنْتَهٍ مِنْ ألفِ عامٍ عَنْ قِتَالِك

حَتَّى أَتَاكِ بِحَامِلاتِ الطَّائِرَاتِ

وَفَوْقَها جَيْشٌ مِنَ البُلَهَاءِ يَسْرِقُ مِنْ حَلالِك

وَيَظُنُّ أَنَّ بِغَزْوَةٍ

أَوْ غَزْوَتَيْنِ سَيَنْتَهِي فَرَحُ الثِّمارِ عَلَى تِلالِك

يَا مَوْتَنَا يَشْفِيكَ رَبُّكَ مِنْ ضَلالِك

يَا أُمَّةً

في الغارِ مَا حَتْمٌ عَليْنَا أَنْ نُحِبَّ ظَلامَهُ

إِنِّي رَأَيْتُ الصُّبْحَ يَلْبِسُ زيَّ أَطْفَالِ المَدَارِسِ

حَامِلاً أَقْلامَهُ

وَيَدُورُ ما بينَ الشَّوارِعِ

بَاحِثاً عَنْ شَاعِرٍ يُلْقِي إِلَيْهِ كَلامَهُ

لِيُذِيعَهُ للكَوْنِ في أُفُقٍ تَلَوَّنَ بِالنَّدَاوَةِ وَاللَّهَب

يَا أُمَّتِى يَا ظَبْيَةً في الغَارِ قُومِي وَانْظُرِي

الصُّبْحُ تِلْمِيذٌ لأَشْعَارِ العَرَب

يا أمَّتي

أَنَا لَستُ أَعْمَى عَنْ كُسُورٍ في الغَزَالَةِ

إنَّهَا عَرْجَاءُ أَدْرِي

إِنَّهَا عَشْوَاءُ أَدْرِي

إنَّ فيها كلَّ أوجاعِ الزمانِ

وإنَّها مَطْرُودَةٌ مَجْلُودَةٌ مِنْ كُلِّ مَمْلُوكٍ وَمَالِك

أَدْرِي وَلَكِنْ لا أَرَى في كُلِّ هَذَا أَيَّ عُذْرٍ لاعْتِزَالِك

يا أُمَّنا لا تَفْزَعِي مِنْ سَطْوَةِ السُّلْطَانِ.. أَيَّةُ سَطْوَةٍ؟

مَا شِئْتِ وَلِّي وَاعْزِلِي

لا يُوْجَدُ السُّلْطَانُ إلا في خَيَالِك

يَا أمَّتي

يا ظَبْيَةً في الغَارِ تَسْأَلُني وَتُلحِفُ

“هَلْ سَأَنْجُو؟”

قُلْتُ: أنتِ سَأَلْتِني مِنْ أَلْفِ عَامٍ

إنَّ في هَذَا جَوَاباً عَنْ سُؤَالِك

يَا أمتى أَدْرِي بأَنَّ المرْءَ قد يَخْشَى المهَالِك

لَكِنْ أُذَكِّرُكُمْ فَقَطْ فَتَذَكَّرُوا

قَدْ كَانَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَبْلُ وَاْجْتَزْنَا بِهِ

لا شَيْءَ مِنْ هَذَا يُخِيْفُ وَلا مُفَاجَأَةٌ هُنَالِك

يَا أُمَّتِي اْرْتَبِكِي قَلِيلاً

إِنَّهُ أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ

وَقُومِي

إنه أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ كَذَلِك


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أنا المؤدن

المنشور التالي

المنظر

اقرأ أيضاً