تظلم الورد من خديه إذ ظلما

التفعيلة : البحر البسيط

تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما

وَعَلَّمَ السُّقْمُ مِنْ أَجْفَانِهِ السَّقَما

وَلَمْ أرِدْ بِلِحاظِي ماءَ ناظِرِهِ

إِلا سَقى ناظِرِي مِنْ رِيِّهِ بِظَما

أَسْكَنْتُ مِنْ بَعْدِهِ صَبْري ثَرى جَلَدِي

فَماتَ فِيهِ وَلَمْ أَعْلَمْ بِما عَلِما

مَا سَوَّدَ الحُزْنُ مُبْيَضَّ السُّرُورِ بِهِ

إِلا وَدَيَّمَ دَمْعي فَوْقَهُ دِيمَا

أَمَا وَأَحْمَر دَمْعي فَوْقَ أَبْيَضِهِ

وَمَا بَنى الشَّوْقُ مِنْ صَبْري وَما هَدَما

لا رُعْتُ بِالبَيْنِ مِنْهُ مَا يُرَوِّعُنِي

وَلا حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالَّذي حَكَما

يَا رُبَّ يَوْمٍ حَجَرْنا في مَحاجِرِنا

مَاءَ العُيُونِ وَأَمْطَرْنا الخُدودَ دَمَا

في مَوْقِفٍ يَسْتَعِيذُ البَيْنُ مِنْهُ بِهِ

فَما يُقَبِّلُ قِرْطَاسٌ بِهِ قَلَما

كَتَبْتُهُ بِيَدِ الشَّكْوى إِلَيْكَ وَقَدْ

أَقْسَمْتُ فِيهِ عَلَى ما قُلْتُهُ قَسَما

هَذانِ طَرْفانِ لا واللَهِ ما عَزَمَا

إِلا عَلَى سَقَمِي أَوْ لا فَلِمْ سَقِما

وَيَوْمِ دَجْنٍ أَرَاقَ الغَيْمُ رَائِقَهُ

كَأنَّما شَمْسُهُ مَكْحُولَةٌ بِعَمَى

تَمَلْمَلَتْ سُحْبُهُ مِنْ طُولِ مَا سَحَبَتْ

وَهَمْهَمَ الرَّعْدُ مِنْها فِيهِ حِينَ هَمَى

بَكى عَلَيْهِ النَّدى لَيلاً فَعَبَّسَ لِي

مَا كَانَ لِي فِي نَهارٍ مِنْهُ مُبْتَسِما

لا زَالَ مُنْقَطِعاً ما كانَ مُتَّصِلاً

مِنْهُ وَمُنْتَثِراً مَا كانَ مُنْتَظِما

كَمْ لي بِمَحْواهُ رَسْمٌ قَدْ مَحَوْتُ بِهِ

بِغَيْرِ كَفِّ البِلى رَسْماً وَما رَسَمَا

أَجْرَيْتُ مُذْهَبَ دَمْعِي فَوْقَ مَذْهَبِهِ

حَتَّى تَرَكْتُ بِهِ مَوْجُودَهُ عَدَمَا

لا أَجَّلَ اللَهُ آجالَ الدُّمُوعِ إِذا

مَا لَمْ يَكنَّ لأَبْنَاءِ الهَوى خَدَمَا

يا هذِهِ هَذِهِ رُوحي مَتَى أَلِمَتْ

مِنَ المَلامِ بِكُمْ قَطَّعْتُها أَلَمَا

كَمْ قَدْ تَدَيَّرَ قَلْبي مِنْ دِيارِكُمُ

دَاراً فَما سَئِمَتْ مِنْهُ وَلا سَئِمَا

ثَنَيْتُهُ وَعِنَانُ الشَّوْقِ يَجْمَحُ بِي

إِلَى الَّذي رَاحَتَاهُ تُنْبِتُ النِّعَمَا

إِلى ابْنِ مَنْ فُتِحَتْ أُمُّ الكِتَابِ بِهِ

وَبِالصَّلاةِ عَلَى آبائِهِ خُتِما

إِلى الَّذي افْتَخَرَتْ أَرْضُ العَقِيقِ بِهِ

وَمَنْ بِهِ أَصْبَحت بَطْحاؤُها حَرَمَا

إِلى فَتَىً تَضْحَكُ الدُّنْيا بِغُرَّتِهِ

فَما تَرى باكِياً فيها إِذا ابْتَسَما

سَمَا بِهِ الشَّرَفُ السَّامِي فَصَارَ بِهِ

مُخَيِّمَاً فَوْقَ أَطْبَاقِ العُلى خِيَما

لَوْ أَنَّ لِلْبُخْلِ أَغْصاناً وَقابَلَها

بِوَجْهِهِ أَنْبَتَتْ مِنْ وَقْتِها كَرَمَا

أَزْرَى عَلى الغَيْثِ غَيْثٌ مِنْ أَنَامِلِهِ

فِي رَوْضَةِ الشُّكْرِ لمَا بَخَّلَ الدِّيمَا

مَا إِنْ دَجَا لَيْلُ نَقْعٍ في نهارِ وَغىً

إِلا وَأَمْطَرَهُ مِنْ سَيْبِهِ نِقَما

تَأتِي المَنَايا إِلَى أَسْيافِهِ فِرَقاً

كَأَنَّمَا تَجْتَدِي مِنْ خَوْفِهِ سَلَمَا

لا يَخْطُرُ الفَرُّ فِي كَرٍّ بِخاطِرِهِ

وَلا يُؤَخِّرُ عَنْ إِقدَامِهِ قَدَمَا

كَمْ قَالَ خَطْبُ الرَّدى فِيمَا يُنَازِلُهُ

هَذا الَّذِي لَوْ رُمِي بِالدَّهْرِ مَا انْهَزَمَا

صَبٌّ إِلى شُرْبِ مَاءِ الطَّعْنِ فِيهِ فَمَا

نَراهُ إِلا بِصَيْدِ الصِّيْدِ مُلْتَزِمَا

هَذا ابْنُ خَيْرِ الوَرى مِنْ بَعْدِ خَيْرِهِمُ

هَذا الَّذي كَتَبَتْ لا كَفُّهُ نَعَما

هَذا الَّذي لا يُرى في جِيدِ مَكْرُمَةٍ

عِقدٌ مِنَ المَجْدِ إِلا بِاسْمِهِ نُظِما

يا مُلْزِمي غُرْمَ صَبْري بَعْدَ فُرْقَتِهِ

مَا إِن عَلى مُجْرِمٍ جُرْمٌ إِذا اجْتَرَمَا

ذَرِ الصَّوارِمَ فِي أَغْمادِهَا فَلَقَدْ

أَمْسَتْ نُفُوسُ المَنَايا في حِمَاهُ حِمىَ

قُلْ لِلَّتي وَدَّعَتْ بِالْجِزْعِ مِنْ جَزَعٍ

مَا إِنْ ظَلَمْتِ بَلِ البَيْنُ الَّذي ظَلَمَا

لا وَالهَوى وَحَياةِ الشَّوقِ مَا تَرَكَتْ

لِيَ النَّوى مِنْ فُؤَادي غَيْرَ مَا ثَلِمَا

مَتَى تَحَكَّمَ هَجْرِي في مُواصَلَتِي

جَعَلْتُ أَحْمَدَ فِيما بَيْنَنَا حَكَما

يَا مُعْلِماً بِطِرازِ الحُسْنِ نِسْبَتَهُ

وَمَنْ غَدا بَيْنَ أَبْنَاءِ العُلى عَلَمَا

وَمَنْ هُوَ الشَّمْسُ فِي أُفْقٍ بِلا فَلَكٍ

وَمَنْ هُوَ البَدْرُ في أَرْضٍ بِغَيْرِ سَمَا

هذِي يَمِينُكَ في الآجالِ صائِلَةٌ

فَاقْتُلْ بِسَيْفِ رَدَاها الخَوْفَ وَالعَدَمَا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بذمام عهدك في الهوى أتذمم

المنشور التالي

عز الهوى في حكمها ذل

اقرأ أيضاً

صداع مزمن

اليوميات (35) تظل بكارة الأنثى بهذا الشرق عقدتنا وهاجسنا فعند جدارها الموهوم قدمنا ذبائحنا .. وأولمنا ولائمنا ..…

زار القبور أبو مالك

زارَ القُبورَ أَبو مالِكٍ فَكانَ كَأَلأَمِ زُوّارِها سَتَبكي عَلَيهِ دَرومُ العِشاءِ خَبيثٌ تَنَسُّمُ أَسحارِها تَنوحُ بَناتُ أَبي مالِكٍ…

نور الهدى أهدت إلى شاعرها

نُورُ الهُدَى أَهْدَتْ إِلَى شَاعِرِهَا مِحْبَرَةً تَبْتَعِثُ الإلهَامَا وَمِرْقَماً إِذَا احْتَسَى مِدَادَهَا مَجَّ شُعَاعاً يَقْشَعُ الظَّلامَا وَمَنْسَقاً أَنْظِمُ…