هَفا طرَبي الى عافي الرسومِ
فلا روّى الغَمامُ رُبى الغميمِ
وهبّتْ ريحُ سُلواني فمرّتْ
من الشّرقِ القديمِ على هَشيمِ
وكنتُ أبا المنازلِ والفيافي
فصِرْتُ أخا المُدامةِ والنَديمِ
أميلُ الى سُلافةِ بنتِ كرْمٍ
وأدنو من سوالفِ أمّ ريمِ
هدَتْنا للسّرور نجومُ راحٍ
بها قذفَتْ شياطينَ الهُمومِ
تبسّم دنّها فألاحَ برقاً
يطرّزُ حُلّةَ الليلِ البَهيمِ
وأودعَ نشرُها الأرواحَ سرّاً
فباحَ بحَمْلِه صدرُ النسيمِ
فإنْ توجتُ راحي كأسَ راحٍ
فشُرْبُ الإثْمِ أوْلى بالأثيمِ
بساطُ الرّوضِ موشيُّ الحواشي
وثوبُ الغيمِ مِسكيُّ الأديمِ
وكفُّ الصبحِ يلقُطُ ما تبدّى
بجيدِ الليلِ من درهِ النجومِ
فحيَّ على الشَمولِ وإن عُنينا
بخَمْرِ شمائلِ الرشأ الرّخيمِ
مقطّبةٌ يريكَ المزْجُ منها
طلاقةَ منظرِ الوجهِ العظيمِ
أتتْ عُطْلاً فقلّدَها حَباباً
جَلاها منهُ في درٍّ نظيمِ
يطوفُ بشمسِها قمرٌ تثنّتْ
به أعطافُ خوطِ نقاً قَويمِ
حمىً بعقاربِ الأصداغِ وَرْداً
جنيتُ به الشقاءَ من النعيمِ
تسالمُه وتُلْبسني اعتداءً
فمن يُعدي السّليمَ على السليمِ
ويُعجبُني السقامُ لأن جسمي
تحلّى باسمِ ناظرِه السقيمِ
ولما أقفرتْ أوكارُ صَبْري
عمرْتُ بعزْمَتي أكوارُ كُومِ
سريْتُ بها وللإصباحِ سرٌّ
طوتْهُ جوانحُ الليلِ الكَتومِ
الى الشيخِ الجليسِ استنْهَضَتْها
أزمّةُ نجدةٍ وحداةُ خيْمِ
فقال لها لسانُ الدهرِ هذا
تمامُ الفضلِ أُودِعَ في تَميمِ
إذا هبّتْ شمائلُه رياحاً
فهنّ لواقحُ الفكْرِ العَقيمِ
سماحُ يدٍ أتاح ندى غيورٍ
يصونُ علاءَهُ صونَ الحَريمِ
وأخلاقٌ يُديرُ بها كؤوساً
من الصهباءِ تَصبو بالحَليمِ
تقسّم بين شمسِ ضحىً وبحرٍ
هدايةَ خابطٍ وغِنى عَديمِ
وجلّى ظُلْمَتيْ خَطبٍ وجَدْبٍ
برأيِ مجرّبٍ وندى غَشيمِ
وملّك حاسديهِ فجادبتْهُ
خلائقُهُ الى الطبعِ الكريمِ
وجاءَ بهيبةِ الجبّار لمّا
ثَنى عطفَيْهِ في بُرْدَي رحيمِ
ولم يهضِمْ معاليَهُ التفاتٌ
يملّ به الى كشحٍ هَضيمِ
عجبْتُ لوجهه ولراحتَيْهِ
سَنا شمسٍ تبدّتْ في غُيومِ
تزفُّ أزاهرُ الآدابِ منهُ
لما تُسْقاهُ من صوبِ العُلومِ
ومطلّبٍ مداهُ كَبا فقلنا
أليمُ العيشِ أوْلى باللّئيمِ
إذا منعتْكَ أشجارُ المَعالي
حَباها الغضَّ فاقنعْ بالهَشيمِ
وقافيةٍ أهزُّ بها إذا ما
نطقتَ معاطفَ الطربِ الرميمِ
تسيرُ وإنْ أقامَ به ثناءً
وأعجبُ ما ترى سفَرُ المُقيمِ
على أنّى أكابدُ صرْفَ دهرٍ
أثارَ دمي وأثّر في أديمي
بُليتُ بحالتَيْ بردٍ وحرٍّ
أليستْ هذه صفةُ الجحيمِ
بقيْتَ مهنِّئاً في كلّ يومٍ
بعيشٍ للمسرّةِ مُستديمِ
ونامتْ عنك أحداثُ الليالي
وشيكاً نومَ أصحابِ الرقيمِ