يفنى الزمان وذكره يتجدد

يفنى الزَّمانُ وَذكرُه يتجدَّدُ

آمنتُ أَنَّ (ابنَ الحسين) مخلدُ

لَمْ تأْلفِ الأَيّامُ صحبةَ غيرِه

أَمسِ البعيدُ ويومُنا ذا والغد

الشِّعرُ والنَّفْسُ الأَبيَّةُ والحجى

جُمِعتْ لَهُ فعلامَ لا يتفَرَّد

أَمّا الطُّموحُ فخلِّ عنكَ حدودَهُ

مِنْ دونِهِ يَدنو السُّهى والفرقد

فَكَأَنَّه فلكٌ تلوحُ نجومُه

للمبصرين وكلُّ بيتٍ مَرصد

أُنظرْ تجدْ في كلِّ بيتٍ قَبْسَةً

كالنُّورِ في مشكاتِه يتوقَّد

سقياً لباديةِ (الشآمِ) فقد نضتْ

سيفاً وشبَّتْ شُعلةً لا تخمد

مَدَّتْ له أَملاً كرحبِ فضائِها

وورَتْ زنادَ عزيمةٍ لا تصلد

طبعته مرآةُ يريك صفاؤها

صُورَ النُّفوسِ عوارِياً تتجسد

وحي البداوَةِ صادِقٌ ما شابه

زورَ الكلامِ ولا عراه تزيد

بالشيخِ والقيصومِ يَعْبَقُ شعرُه

والعُنْجُهِيَّةُ فيهما تتمرد

مَحَضَ (ابنَ حمدان) هواه لأَنَّهُ

حيفٌ بوجهِ المعتدينَ مجرَّد

يا مالئَ الدنيا وشاغِلَ ناسِها

الدَّهرُ راوِيَةٌ لشعرِك منشد

ضِمنَ الزَّمانُ بقاءَه فَكأَنَّهُ

أنفاسُه في صدرِه تتردَّد

آياتُهُ لا تنقَضي وعظاتُهُ

كالبحرِ زاخرُ موجِهِ لا ينفَد

للهِ رأْيكَ في السِّياسةِ إنَّهُ

سهمٌ إلى كبدِ الصَّوابِ مُسدَّدُ

العربُ ما صلحتْ عَلَى يدِ أَعجم

حكمُ الأَعاجمِ للعروبةِ مفسد

أخذوا عليك قساوَةً وَلو أنهمْ

خبروا النفوسَ كما خبرتْ لأَيَّدوا

شكواكَ ما زلنا نعاني مثلَها

كفٌ مضرجةٌ وَوَجهٌ أَسود

ساموه خطةَ عاجزٍ فأَبتْ له

نفسٌ مشيعةٌ وَعزمٌ أَيد

عرضوا حمايتَهمْ عليه بجزيةٍ

أمرانِ ذا نكدُ وذلك أنكد

أَترى الفتى العربيَّ يُعطي جزيةً

أَم كيف يرضى بالحماية سيد

يأْبى له أنفٌ أَشمُّ وَصفحةٌ

تزورُّ من صعرٍ وَعنقٌ أَصيد

شرفٌ حماه بنفسِه وَوَحيدِه

لمَّا هوى وَتلا خطاه (محسَّد)

لو دافع المستضعفون دفاعَه

ما كان ثمَّ ثعالبٌ تستأْسد

ما ضمَّه قبرٌ وَكيف يضمُّه

أَرأَيتَ حياً في الضرائِح يلحد

لو نال ما يبغي لكانتْ دولة

أَهدى إلى سبلِ الصوابِ وَأرشد

وَلَسَنَّ فيها للأَنامِ سياسةً

ما للخديمةِ والرياءِ بها يد

الحقُّ فيها لا يُغالب إِنّه

بظبى السيوفِ إذا استبيح مؤيد

تأْبى التسلط والخنوع فما بها

مستعبدٌ عاتٍ وَلا مستعبَد

فالماكرون أَذلُّ مِنْ أَنْ يمكروا

والمعتدون أَقلُّ مِنْ أَنْ يعتدوا

يا جامعاً شملَ العروبةِ بعد ما

أَمسى بأيدي الحادثاتِ يبدد

فأخو العراقِ بسحره (متدمشقٌ)

وَأخو الشآمِ بآيه (متبغدد)

الشعرُ في كفِّ الزمانِ دراهمٌ

يُرمى ببهرجه ويبقى الجيد

ذهب (ابن أوس) و (الوليد) بحرِّهِ

لكنْ بمعجزه تَفَرَّدَ (أحمد)


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لمن وبمن عسى يرجى العزاء

المنشور التالي

لزوال جميع ما أنت رائي

اقرأ أيضاً