لِيَبكِ رَسولَ اللَهِ مَن كانَ باكِيا
وَلا تَنسَ قَبراً بِالمَدينَةِ ثاوِيا
جَزى اللَهُ عَنّا كُلَّ خَيرٍ مُحَمَّداً
فَقَد كانَ مَهديّاً دَليلاً وَهادِيا
وَلَن تَسرِيَ الذِكرى بِما هُوهَ أَهلُهُ
إِذا كُنتَ لِلبِرِّ المُطَهِّرِ ناسيّا
أَتَنسى رَسولَ اللَهِ أَفضَلَ مَن مَشى
وَآثارُهُ بِالمَسجِدَينِ كَما هِيا
وَكانَ أَبَرَّ الناسِ بِالناسِ كُلِّهِم
وَأَكرَمَهُم بَيتاً وَشِعباً وَوادِيا
تَكَدَّرَ مِن بَعدِ النَبيِّ مُحَمَّدٍ
عَلَيهِ سَلامُ اللَهِ ما كانَ صافِيا
فَكَم مِن مَنارٍ كانَ أَوضَحَهُ لَنا
وَمِن عَلَمٍ أَمسى وَأَصبَحَ عافِيا
رَكَنّا إِلى الدُنيا الدَنيَّةِ بَعدَهُ
وَكَشَّفَتِ الأَطماعُ مِنّا المَساوِيا
وَإِنّا لَنُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ
نَراها فَما تَزدَدُ إِلّا تَمادِيا
نُسَرُّ بِدارٍ أَورَثَتنا تَضاغُناً
عَلَيها وَدارٍ أَورَثَتنا تَعادِيا
إِذا المَرءُ لَم يَلبَس ثِياباً مِنَ التُقى
تَقَلَّبَ عُرياناً وَإِن كانَ كاسِيا
أَخي كُن عَلى يَأسٍ مِنَ الناسِ كُلِّهُم
جَميعاً وَكُن ما عِشتَ لِلَّهِ راجِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ يَكفي عِبادَهُ
فَحَسبُ عِبادِ اللَهِ بِاللَهِ كافِيا
وَكَم مِن هَناتٍ ما عَلَيكَ لَمَستَها
مِنَ الناسِ يَوماً أَو لَمَستَ الأَفاعِيا
أَخي قَد أَبى بُخلي وَبُخلُكَ أَن يُرى
لِذي فاقَةٍ مِنّي وَمِنكَ مُؤاسِيا
كِلانا بَطينٌ جَنبُهُ ظاهِرُ الكُسى
وَفي الناسِ مَن يُمسي وَيُصبِحُ طاوِيا
كَأَنّا خُلِقنا لِلبَقاءِ وَأَيُّنا
وَإِن مُدَّتِ الدُنيا لَهُ لَيسَ فانِيا
أَبى المَوتُ إِلّا أَن يَكونَ لِمَن ثَوى
مِنَ الخَلقِ طُرّاً حَيثُما كانَ لاقِا
حَسَمتَ المُنى يا مَوتُ حَسماً مُبَرِّحاً
وَعَلَّتَ يا مَوتُ البُكاءَ البَواكِيا
وَمَزَّقتَنا يا مَوتُ كُلَّ مُمَزَّقٍ
وَعَرَّفتَنا يا مَوتُ مِنكَ الدَواهِيا
أَلا يا طَويلَ السَهوِ أَصبَحتَ ساهِيا
وَأَصبَحتَ مُغتَرّاً وَأَصبَحتَ لاكِيا
أَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَلقى جَنازَةً
وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَسمَعُ ناعِيا
وَفي كُلِّ يَومٍ مِنكَ نَرثي لِمُعوِلٍ
وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نُسعِدُ باكِيا
أَلا أَيُّها الباني لِغَيرِ بَلاغِهِ
أَلا لِخَرابِ الدَهرِ أَصبَحتَ بانِيا
أَلا لِزَوالِ العُمرِ أَصبَحتَ جامِعاً
وَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً مُباهِيا
كَأَنَّكَ قَد وَلَّيتَ عَن كُلِّ ما تَرى
وَخَلَّفتَ مَن خَلَّفتَهُ عَنكَ سالِيا