عَرَفتُ بِأَعلى رائِسِ الفَأوَ بَعدَما
مَضَت سَنَةٌ أَيّامُها وَشُهورُها
مَنازِلُ أَعرَتها جُبَيرَةُ وَاِلتَقَت
بِها الريحُ شَرقِيّاتُها وَدَبورُها
كَأَن لَم يُحَوِّض أَهلُها الثَورَ يَجتَني
بِحافاتِها الخَطمِيَّ غَضّاً نَضيرُها
أَناةٌ كَرِئمِ الرَملِ نَوّامَةُ الضُحى
بَطيءٌ عَلى لَوثِ النِطاقِ بُكورُها
إِذا حُسِرَت عَنها الجَلابيبُ وَاِرتَدَت
إِلى الزَوجِ مَيّالاً يَكادُ يَصورُها
وَمُرتَجَّةُ الأَردافِ مِن آلِ جَعفَرٍ
مُخَضَّبَةُ الأَطرافِ بيضُ نُحورُها
تَعِجُّ إِلى القَتلى عَلَيها تَساقَطَت
عَجيجَ لِقاحٍ قَد تَجاوَبَ خورُها
كَأَنَّ نَقاً مِن عالِجٍ أَزَّرَت بِهِ
بِحَيثُ اِلتَقَت أَوراكُها وَخُصورُها
فَقَد خِفتُ مِن تَذرافِ عَينَيَّ إِثرَها
عَلى بَصَري وَالعَينُ يَعمى بَصيرُها
تَفَجَّرَ ماءُ العَينِ كُلَّ عَشِيَّةٍ
وَلِلشَوقِ ساعاتٌ تَهيجُ ذُكورُها
وَما خِفتُ وَشكَ البَينِ حَتّى رَأَيتُها
يُساقُ عَلى ذاتِ الجَلاميدِ عيرُها
وَما زِلتُ أُزجي الطَرفَ مِن حَيثُ يَمَّمَت
مِنَ الأَرضِ حَتّى رَدَّ عَيني حَسيرُها
فَرَدَّ عَلَيَّ العَينَ وَهيَ مَريضَةٌ
هَذاليلُ بَطنَ الراحَتَينِ وَقورُها
تَحَيَّرَ ذاويها إِذِ اِضطَرَدَ السَفا
وَهاجَت لِأَيّامِ الثُرَيّا حَرورُها