ترفَّعتُ عن مدح الرجال وقادني
إيابٌ لأسباب الضَّرورة يغلبُ
غداةَ قُفولٍ من خُراسانَ عاطفٍ
يكدُّ ظهور اليعملات ويُتْعبُ
وأجمَمْتُ قولي عن ثناء مُنوِّلٍ
وإنْ طابَ عِرض أو تكرم مكسب
فلا مدحَ إلا مفخرٌ وبَسالةٌ
ولا منشدٌ إلا المليكُ المحجَّبُ
وقالوا بخيلٌ بالمدائح عاتِبٌ
على دهره حتَّامَ يشكو ويعْتبُ
فقلتُ لهم والفضل ينغض عِطفَهُ
وبي ضجْرةٌ سوداؤها تُتهِيَّبُ
علامَ أذيعُ الحمد والذمُّ واجبٌ
وأرضى عن الأيام والمجدُ مُغضب
وعزٌّ أتى من سِنْجرٍ فأحلَّني
محلَّ الثريَّا والمُبادونَ رُسَّبُ
سَريتُ به وجه الفصاحة أن تُرى
تُزفُّ إلى غير المكانِ وتُخطبُ
وأبلجُ جادتْ أصْفهانُ بفضلِه
رحيبُ الفِنا والخُلق أفضى وأرحب
سخوتُ له بالمدح حُباً وقُرْبةً
فلا بالنَّدى يلوي ولا أنا أكذبُ
وهل كيمين الدين طودٌ إذا انتدى
رزينٌ وصرفُ الدهر يغلي ويجلب
وغيثٌ هطولٌ لا يغِبُّ قُطارهُ
يسحُّ على الأزمات رفداً ويُكسب
وليثٌ إذا خامَ الكميُّ جرتْ به
عزائكُ لا نابٌ طريرٌ ومِخلبُ
يُبالغُ في كسب المحامدِ أنَّه
رأى كل كسبٍ ما خلا الحمد يذهب
وكم من يدٍ بيضاء أسْدى تبرُّعاً
إليَّ وقد ضَنَّ البخيلُ المُخيِّبُ
شكرتُ ولَجَّ الجودُ منه فكلَّما
نضمتُ فصيحاً جادني منه صَيِّب
خلائقُ جلَّتْ أن تُقاسَ بخمرةٍ
ولكنها من رائق الخمر أعْذبُ
هَيابا عليٍّ دَعْوةَ من مُغامرٍ
جَريءٍ إذا هابَ الجبانُ المُجنِّب
تَهنَّ بودِّي أنه لكَ عُدَّةٌ
أعزُّ من السيف الحُسام وأرهب
وما طابَ قلبي فيك يا كامل النُّهى
لمكرمةٍ إلا وعرضك أطيبُ