خليليَّ من عُلْيا تميم بن خِندفٍ
نداء ولوعٍ بالمآثرِ وامِقِ
مقالي مقالي آذنا ما استطعتُما
له فهون معْيارُ النُّهى والخلائقُ
ورووا سميعاً لوذعيّاً فإنني
بأكثر أفْهام الورى غيرُ واثقِ
فما كل مُصغٍ للحديثِ بسامعٍ
ولا كل من أجرى لساناً بناطقِ
وقد عزَّ فهمٌ مثلما عزَّ نائلٌ
وأنجم مأثورُ النَّدى والحقائقِ
فلولا غياث الدين لم يُصغ سامعٌ
إلى ناصعٍ من سر فضلٍ ورائقِ
فأوجف قولي إذ ظفرت بماجدٍ
إلى الحمد إيجاف الجيادِ السوابقِ
وأهديتها غُراً فِصاحاً كأنها
قلائدُ دُرٍّ في نُحورِ عَواتقِ
لأبلجَ أما جُودهُ فلِسائلٍ
فقيرٍ وأما بأسهُ فَلِمارقِ
رزينُ حصاةِ الحلْم لا يستخفُّه
من الدهر إجلاب الخطوب الطوارقِ
إذا هبَّتِ الأحداثُ حوله زعزعاً
حسبت نسيم الجو مَرَّ بشاهق
على أنه في عزمه واقتحامهِ
سبَوقٌ لأطرافِ السهام الرواشق
يهونُ له الصعبُ الشديدُ إذا غزا
وتطوى له البيداءُ طيَّ المهارقِ
ومن سرهِ أنَّ التنكُّرَ قاتلٌ
أعاديه من غير حربٍ ومأزقِ
وما مغرمٌ صَبُّ الفؤاد وشتْ به
مدامعهُ إِثر الخليطِ المُفارقِ
من القوم عُذريُّ الهوى غير محدث
سلواً إذا السُّلْوانُ طابَ لعاشقٍ
تصرَّم عنه وصلُ عشرين حجَّةً
بيومٍ من الهجران جَمَِّ البوارقِ
يودُّ اتباعُ الضَّعن في مطمئنَّةٍ
ليوسعَ من يهواهُ لحظ المُسارقِ
تذكَّر نُوَّاراً من الثغْرِ ضاحكاً
ونشْراً عِطارياً كروضِ المَبارق
لهيفاءَ مِقْلاقِ الوشاحِ قَوامُها
لعوبٌ كمتن الصَّعدةِ المُتناسقِ
تعلَّقها والقلبُ لا يعرف الأسى
لا أعْتاقهُ صرفُ الليالي بعائقِ
وباتَ يُرجِّي بعدما شطَّتِ النوى
زيارةَ طيْفٍ بالتَّحيةِ طارقِ
بأوْجدَ منه بالعُلى غير أنهُ
إذا فارقت محبوبةٌ لم يُفارقِ
إذا ما جرى نشر الخُزامى عشيةً
تهاداهُ أرواح الصَّبا للمناشقِ
بهضبة حزنٍ أو بوعساء حُرَةٍ
سحيقة مجرى الريح ذاتِ نقانق
بعامٍ رطيب الجو أغنتْ رياضُه
بجوز الفلا عن مونقاتِ الحدائقِ
أُتيح له جُنحِ الدجى عدنيَّةٌ
حوت كل طَبٍّ بالمكاسب حاذق
أناخوا ففضُّوا مُرتجاتٍ تضايقت
بأشهبَ خوَّار المعاجم لاصقِ
فعِرض غياث الدين أذكى تأرُّجاً
وأحمدُ سمعاً عند مُصْغِ وناشق
هو السابق البذَّاذ في حلبةِ العُلى
إلى غايةٍ طَلابُها غير لاحقِ
ومُستنبحٍ جاشتْ غواربُ ليله
بارزامٍ هطَّالٍ وإجْلابِ صاعقِ
تدافعَ يُخْفيهِ الظَّلامُ كأنهُ
سريرةُ حزمٍ حاذرت سمع مائق
تخطى سحيقاً نازح الغور هادماً
بطولِ مداهُ أسْنِماتِ الأيانقِ
نضا حرفهُ الادلاجُ حتى كأنها
من الضَّمر في طرس الفلا نون ماشق
هداه ندى السلطان في غسق الدجى
إلى قصْده من بعد جور السمالقِ
هنيٌّ القِرى لا تُستراثُ طهاتُه
إذا أخمدَ الشفانُ نار الشواهقِ
ويا رُبَّ حيٍّ ناعمينَ بنجْوةٍ
عن الشر في صفو من العيش رائق
لَقاحِ فلا سيفُ الخطوب بصارمٍ
جَريٍّ ولا سهمُ الرزايا براشقِ
أحلَّهمُ منك الرضا في رفاغةٍ
وعزٍّ قُناني المحَلَّةِ سامقِ
رعوا خصبهم حتى عصوك فبُدِّلوا
بأغْبَر مرهوبِ المُعَّرس عارقِ
فذلُّوا بجيشِ ذي زُهاءٍ كأنهُ
غواربُ موجِ الخِضرم المُتصافق
يقودونَ جُرْداً مضمراتٍ كأنها
كواسرُ عِقْبانِ الطِّوال الشواهق
صوادف عن ماء النَّهاء نواظراً
إلى الماء ما بين الطُّلى والبنائق
إذا استمطرت فرسانها صدقتْ لها
بوارقهم إِبَّانَ خُلْفِ البوارق
كأن فؤاد الصبح أَضْمرَ ليلةً
علت من عجاجِ المازق المُتضايقِ
تطاولَ فيه قبل حربِ كُمانِه
قِراعُ القَنا والمرهفات الدوالق
وعمَّ فلولا مَنْسرٌ بعد منْسرٍ
لضاقت رحابٌ من مَلاً وطرائقِ
فرشْتهمُ مُستهزمين كأنهمْ
طرائدُ صيد الجحفل المُتساوقِ
سجيَّةُ آباءٍ تجاروا إلى العُلى
بعزمهمُ جرْي المُجِدِّ المُسابقِ
بهاليلُ لا يُثْرون إلا لمنحةٍ
ولا يوردون البأس غير المُشاققِ
إذا مونعوا حقاً حووهُ تَغشْمُراً
من الدهر بالأيدي الطوال اللواحق
يجِلُّون عن طعن النحور إذا غزوا
فطعنهمُ يوم الوغى في الحمالق