أَفي أَثَرِ الأَظعانِ عَينُكَ تَلمَحُ
نَعَم لا تَهَنّا إِنَّ قَلبَكَ مِتيَحُ
ظَعائِنُ مِئنافٍ إِذا مَلَّ بَلدَةً
أَقامَ الرِكابَ باكِرٌ مُتَرَوَّحُ
مِنَ المُتبِعينَ الطَرفَ في كُلِّ شَتوَةٍ
سَنا البَرقِ يَدعوهُ الرَبيعُ المُطَرِّحُ
يُسامي الغَمامَ الغُرَّ ثُمَّ مَقيلُهُ
مِنَ الشَرَفِ الأَعلى حِساءٌ وَأَبطَحُ
رَعَينَ قَرارَ المُزنِ حَيثُ تَجاوَبَت
مَذاكٍ وَأَبكارٌ مِنَ المُزنِ دُلَّحُ
بِلادٌ يَبُزُّ الفَقعُ فيها قِناعَهُ
كَما اِبيَضَّ شَيخٌ مِن رِفاعَةَ أَجلَحُ
أَقامَت بِهِ حَدَّ الرَبيعِ وَجارُها
أَخو سَلوَةٍ مَسّى بِهِ اللَيلُ أَملَحُ
فَلَمّا اِنتَهى نَيُّ المَرابيعِ أَزمَعَت
خُفوفاً وَأَولادُ المَصايِيفِ رُشَّحُ
رَماها السَفا وَاِعتَزَّها الصَيفُ بَعدَما
طَباهُنَّ رَوضٌ مِن زُبالَةَ أَفيَحُ
وَحارَبَتِ الهَيفُ الشِمالَ وَآذَنَت
مَذانِبُ مِنها اللَدنُ وَالمُتَصَوِّحُ
تَحَمَّلنَ مِن ذاتِ التَنانيرِ بَعدَما
مَضى بَينَ أَيديها سَوامٌ مُسَرَّحُ
وَعالَينَ رَقماً فَوقَ رَقمٍ كَسَونَهُ
قَنا عَرعَرٍ فيهِ أَوانِسُ وُضَّحُ
عَلى كُلِّ عَجعاجٍ إِذا عَجَّ أَقبَلَت
لَهاةٌ تُلاقيها مَخالِبُ كُلَّحُ
تَبَصَّرتُهُم حَتّى إِذا حالَ دونَهُم
رُكامٌ وَحادٍ ذو غَذاميرَ صَيدَحُ
وَقُلنَ لَهُ حُثَّ الجِمالَ وَغَنِّها
بِصَوتِكَ وَالحادي أَحَثُّ وَأَنجَحُ
بِإِحدى قَياقِ الحَزنِ في يَومِ قُتمَةٍ
وَضاحي السَرابِ بَينَنا يَتَضَحضَحُ
تَواضَعُ أَطرافِ المَخارِمِ دونَهُ
وَتَبدو إِذا ما غَمرَةُ الآلِ تَنزَحُ
فَلَمّا دَعا داعي الصَباحِ تَفاضَلَت
بِرُكبانِها صُهبُ العَثانينِ قُرَّحُ
لَحِقنا بِحَيٍّ أَوَّبوا السَيرَ بَعدَما
دَفَعنا شُعاعَ الشَمسِ وَالطَرفُ مُجنَحُ
تُدافِعُهُ عَنّا الأَكُفُّ وَتَحتَهُ
مِنَ الحَيِّ أَشباحٌ تَصولُ وَتَمصَحُ
فَلَمّا لَحِقنا وَاِزدَهَتنا بَشاشَةٌ
لِإِتيانِ مَن كُنّا نَوَدُّ وَنَمدَحُ
أَتَتنا خُزامى ذاتُ نَشرٍ وَحَنوَةٌ
وَراحٌ وَخَطّامٌ مِنَ المِسكِ يَنفَحُ
فَنِلنا غِراراً مِن حَديثٍ نَقودُهُ
كَما اِغبَرَّ بِالنَصِّ القَضيبُ المُسَمَّحُ
نُقارِبُ أَفنانَ الصِبى وَيَرُدُّنا
حَياءٌ إِذا كِدنا نُلِمُّ فَنَجمَحُ
حَرائِرُ لا يَدرينَ ما سوءُ شيمَةٍ
وَيَترُكنَ ما يُلحى عَلَيهِ فَيُفصِحُ
فَأَعجَلَنا قُربُ المَحَلِّ وَأَعيُنٌ
إِلَينا فَخِفناها شَواخِصُ طُمَّحُ
فَكائِن تَرى في القَومِ مِن مُتَقَنِّعٍ
عَلى عَبرَةٍ كادَت بِها العَينُ تَسفَحُ
لَهُ نَظرَتانِ نَحوَهُنَّ وَنَظرَةٌ
إِلَينا فَلِلَّهِ المَشوقُ المُتَرَّحُ
كَحَرّانِ مَنتوفِ الذِراعَينِ صَدَّهُ
عَنِ الماءِ فُرّاطٌ وَوِردٌ مُصَبَّحُ
فَقامَ قَليلاً ثُمَّ باحَ بِحاجَةٍ
مُصَرَّدُ أَشرابٍ مُرَمّىً مُنَشَّحُ
إِلى المُصطَفى بِشرِ بنِ مَروانَ ساوَرَت
بِنا اللَيلَ حولٌ كَالقِداحِ وَلُقَّحُ
نَقانِقُ أَشباهٌ بَرى قَمَعاتِها
بُكورٌ وَإِسآدٌ وَمَيسٌ مُشَيَّحُ
فَلَم يَبقَ إِلّا آلُ كُلِّ نَجيبَةٍ
لَها كاهِلٌ جَأبٌ وَصُلبٌ مُكَدَّحُ
ضُبارِمَةٌ شُدقٌ كَأَنَّ عُيونَها
بَقايا جِفارٍ مِن هَراميتَ نُزَّحُ
فَلَو كُنَّ طَيراً قَد تَقَطَّعنَ دونَكُم
بِغُبرِ الصُوى فيهِنَّ لِلعَينِ مَطرَحُ
وَلَكِنَّها العيسُ العِتاقُ يَقودُها
هُمومٌ بِنا مُنتابَها مُتَزَحزِحُ
بَناتُ نَحيضِ الزَورِ يَبرُقُ خَدُّهُ
عِظامُ مِلاطَيهِ مَوائِرُ جُنَّحُ
لَهُ عُنُقٌ عاري المَحالِ وَحارِكٌ
كَلَوحِ المَحاني ذو سَناسِنَ أَفطَحُ
وَرِجلٌ كَرِجلِ الأَخدَرِيِّ يَشُلُّها
وَظيفٌ عَلى خُفِّ النَعامَةِ أَروَحُ
يُقَلِّبُ عَينَي فَرقَدٍ بِخَميلَةٍ
كَساها نَصِيُّ الخِلفَةِ المُتَرَوِّحُ
تَرَوَّحنَ مِن حَزمِ الجُفولِ فَأَصبَحَت
هِضابُ شَرَورى دونَها وَالمُضَيَّحُ
وَما كانَتِ الدَهنا لَها غَيرَ ساعَةٍ
وَجَوَّ قَساً جاوَزنَ وَالبومُ يَضبَحُ
سَمامٌ بِمَوماةٍ كَأَنَّ ظِلالَها
جَنائِبُ تَدنو تارَةً وَتَزَحزَحُ
وَلَمّا رَأَت بُعدَ المِياهِ وَضَمَّها
جَناحانِ مِن لَيلٍ وَبَيداءُ صَردَحُ
وَأَغسَت عَلَيها طِرمِساءُ وَعُلِّقَت
بِهَجرٍ أَداوى رَكبِها وَهيَ نُزَّحُ
حَذاها بِنا روحٌ زَواجِلُ وَاِنتَحَت
بِأَجوازِها أَيدٍ تَمُدُّ وَتَنزَحُ
فَأَضحَت بِمَجهولِ الفَلاةِ كَأَنَّها
قَراقيرُ في آذِيِّ دِجلَةَ تَسبَحُ
لَهاميمُ في الخَرقِ البَعيدِ نِياطُهُ
وَراءَ الَّذي قالَ الأَدِلّاءُ تُصبِحُ
فَما أَنا إِن كانَت أَعاصيرُ فِتنَةٍ
قُلوبُ رِجالٍ بَينَهُنَّ تَطَوَّحُ
كَمَن باعَ بِالإِثمِ التُقى وَتَفَرَّقَت
بِهِ طُرُقُ الدُنيا وَنَيلٌ مُتَرَّحُ
رَجَوتُ بُحوراً مِن أُمَيَّةَ دونَها
عَدُوٌّ وَأَركانٌ مِنَ الحَربِ تَرمَحُ
وَما الفَقرُ مِن أَرضِ العَشيرَةِ ساقَنا
إِلَيكَ وَلَكِنّا بِقُربِكَ نَبجَحُ
وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّكَ تَشتَري
جَميلَ الثَنا وَالحَمدُ أَبقى وَأَربَحُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ تَروي السِجالَ وَيَنتَحي
لِأَبعَدَ مِنّا سَيبُكَ المُتَمَنِّحُ
وَإِنَّكَ وَهّابٌ أَغَرُّ وَتارَةً
هِزَبرٌ عَلَيهِ نُقبَةُ المَوتِ أَصبَحُ
أَبوكَ الَّذي نَجّى بِيَثرِبَ قَومَهُ
وَأَنتَ المُفَدّى مِن بَنيهِ المَمَدَّحُ
إِذا ما قُرَيشُ المُلكِ يَوماً تَفاضَلوا
بَدا سابِقٌ مِن آلِ مَروانَ أَقرَحُ
فَإِن تَنءِ داراً يا اِبنَ مَروانَ غَربَةٌ
بِحاجَةِ ذي قُربى بِزَندِكَ يَقدَحُ
فَيا رُبَّ مَن يُدني وَيَحسِبُ أَنَّهُ
يَوَدُّكَ وَالنائي أَوَدُّ وَأَنصَحُ
هَجَوتُ زُهَيراً ثُمَّ إِنّي مَدَحتُهُ
وَما زالَتِ الأَشرافُ تُهجى وَتُمدَحُ
فَلَم أَدرِ يُمناهُ إِذا ما مَدَحتُهُ
أَبِالمالِ أَم بِالمَشرَفِيَّةِ أَنفَحُ
وَذي كُلفَةٍ أَغراهُ بي غَيرُ ناصِحٍ
فَقُلتُ لَهُ وَجهُ المُحَرِّشِ أَقبَحُ
وَإِنّي وَإِن كُنتُ المُسيءَ فَإِنَّني
عَلى كُلِّ حالاتي لَهُ مِنهُ أَنصَحُ
دَأَبتُ إِلى أَن يَنبُتَ الظِلُّ بَعدَما
تَقاصَرَ حَتّى كادَ في الآلِ يَمصَحُ
وَجيفَ المَطايا ثُمَّ قُلتُ لِصُحبَتي
وَلَم يَنزِلوا أَبرَدتُمُ فَتَرَوَّحوا