عُوجوا عليها أَيُّها الرّكْبُ
لا عَارَ أن يَتساعَدَ الصَّحْبُ
كُلٌّ له قَلْب ولا ألَمٌ
عَجَباً ولِي ألمٌ ولا قَلْب
مالي سوى نَفَسٍ أُرَددُه
وَجْداً وَعيْنٍ دَمْعُا سَكْب
للهِ يومَ الجِزْعِ مَوقفُنا
لمّا تَعرَّضَ للمَها سِرْب
مُتَطِلعاتٌ للعُيونِ ضُحىً
وأكُفُّها لوجوهِها نُقْب
يَرمُقْنَ من شَبَكِ البنانِ فما
يَرْنو حليمُ القومِ أو يَصبْو
مِن كُلِّ فاتنةٍ لمِعْصَمِها
تُبدِي فيَشجَى القَلْبُ والقُلب
يَستَعذِبُ السّمعُ الملامَ لها
إنّ الغرامَ عذابُه عَذْب
مَدَّتْ إليَّ يداً تُودِعُني
فدَنا إليها المُغرَمُ الصّبّ
كالسّهْمِ راميهِ يُقَرّبُه
ولأجْلِ بُعْدٍ ذلك القُرب
كم ليلةٍ لي في الهوى سَلَفتْ
لم يَلْقَ لي هُدْباً بها هُدب
كم فارقَ الأحبابُ فابتَعثوا
حُزْني إلى أن فارقَ الحُبّ
فاليَومَ صُنْتُ حجابَ قلبيَ أن
تَسبيهِ بيضٌ صانَها الحُجب
وإذا تَصافَن أدمُعي حِصصاً
وَفْدُ الهموم فهجْرُكم كَعْب
فلْيَهنأِ الواشينَ أنّهم
شَبّوا لنا ناراً فما تَخْبو
ألْقَوا قذىً في عينِ أُلفتِنا
حتّى تَكَدّرَ ذلك الشِرب
وبعَثْتُ للعُتْبَى نهايةَ ما
يُرضيهمُ فتَضاعَفَ العَتْب
ومضىَ بُجَيْرٌ باذلاً دَمَه
للصلْحِ فازدادتْ بهِ الحَرْب
وإذا أتَى زمَنُ الفساد تَرَى
من حيث تُصِلحَ يَكبُرُ الخَطب
وإذا انقضَى فأقَلُّ من نَفَسٍ
فيه يَعود ذليلاً الصَّعب
لايَنْتُ أيّامي وكم زَمَنٍ
تَرْكُ الغِلابِ به هو الغَلب
قد أغتدِي بالعِيسِ مُبتكِراً
والصبْحُ طِفْلٌ في الدجى يَحبو
والرّكبُ يَطلُع في أوائلهم
أنجابُ قومٍ تحتَهم نُجب
مِن كلِّ حَرْفٍ من حُروفِ سُرىً
مُتَعاقَباها الرَّفع والنّصب
سارَتْ تُلاعبُ ظِلّها مَرَحاً
وكأنّ تابعةً لها سَقب
دستِ العُلا والمكرماتِ بنا
ودَعا الجمالَ الماءُ والعُشب
وتَخيّرتْ أرضاً يَحُلُّ بها
قاضي القُضاةِ فعَمّنا الخِصب
رَحُبَتْ خُطاها في مَزارِ فتىً
للزّائرينَ فِناؤه رَحْب
ركْنٌ به الإسلام شُدَّ فقد
حَجّتْ ذُراه العُجْمُ والعُرب
شَمسٌ فتَاويهِ أشِعَتُها
فبِها يَضيء الشَرْقُ والغرب
وغدا القنا الخَطّيّ من قلَمٍ
فَرْدٍ يُخَطُّ بكَفّهِ رُعب
ولَرأْيهِ الآراءُ تابِعةٌ
كالجِذْلِ يَستَشْفي به الجُرب
يضَعُ الأمورَ به مَواضِعَها
فتُديمُ حَمْدَ هِنائهِ النُّقْب
يا ماجداً لذُيولِ هِمّتِه
شَرَفاً على أعلى السُها سَحب
ما أبصرتْ عينٌ له زَمناً
مِثْلاً ولا نَطقتْ به الكُتْب
من مَعْشَرٍ بغَمامِ أنمُلِهمْ
عن آمليهم يُطْرَدُ الجَدْب
بِيضُ الوجوهِ ففي الحباءهمُ
هِضَبٌ تَسُحُّ وفي الحُبا هَضب
فلكٌ يَظَلُّ علىالعباد إذا
يَجْري وسامي رأيهِ القُطب
منه استنارَ شهابُ دينِ هُدىً
منهم نشا وله العُلا تِرب
فلقد عَلا ما شاءَ طَودُ عُلاً
لشهابِ دينٍ فوقَه شَبّ
فَبقِيتُما مُتَسرْ بِلَىْ حُلَلٍ
للعِزِّ لا يُخشَى لها سَلب
حتّى تَرى هذا الشِّهابَ غدا
ووراءه من نَسْلِه شُهب
يا ناصراً للدينِ تُبصرُهُ
ولسانه من دونه عضب
بصوارم الآراء تنصره
والصّارمُ الهِنْدِيُّ قد ينْبو
ضرْبٌ من الأعمالِ تُعمِلُه
لا طَعْنَ يَعدِلهُ ولا ضرب
يا عادلاً في حُكمِه أبداً
لم منك أدنَى نَظْرةٍ حَسْب
بكَ جئْتُ أستَعدِي على زَمَني
وخضامُه إن لم تُعِنْ صَعْب
فإلى متى تَغْزو حوادثُه
وإلى متى قَلبي لها نَهب
أوسَعْتُ قَوماً في الورى مِقةً
فإذا لِمَقْتٍ لي بها حَلب
وغرَسْتُ آمالاً لتَحْلوَ لي
ثَمَراتُهنّ فمازكا التُّرب
والبَخْتُ ما لم يأتِ مُقبِلُه
طَبْعاً فما لزِمامِه جَذب
قد كان ظَنّي غيرَ ذا لهُمُ
والظّنُّ طِرْفٌ ربّما يَكبُو
ولئن تَدارك منهمُ نَظَرٌ
وأُتيحَ إثْرَ تَصَدُّعٍ شَعب
فلقد تُقصِّرُ دون غايتِه
أيدي الجوادِ ويُدرِكُ العَقب
والفَجْرُ ليس بكائنٍ أبداً
صِدْقٌ له ما لم يَكُنْ كِذب
يا صاحباً لو لا عِنايتُه
بَوليّه ضاقَتْ به الرُحب
حالي عنِ المعَهود حائلةٌ
مَرِضَتْ وأنت بِبُرْئها طَبّ
وأشَدُّ ما بي أنّ مَرضتها
من حيث كان تَوقَّعَ الطِبّ
خذْها تَهُزُّ العِطْفَ من طَرَبٍ
حتى كأنّ رُواتَها شَرب
مَوشِيّةً وَشْيَ الرّياضِ وقد
سَحَبتْ عليها ذَيْلَها السُّحب
تُجلَى عليك وأيُّ مَنقبَةٍ
إلا وأنت لِبكرِها خِطب
وإليك لا منك اشتيكتُ بها
فاسمَعْ فشِعْبُك للهُدَى شَعب
وإذا شَحذْتَ العزْمَ مُؤتنِفاً
نَصْري فحِزْبُ اللهِ لي حِزب
فمتى يُقبِّضُ أن أقولَ وقد
تَمّتْ لديك مَطالبي الجُرب
كم بِتُّ ذا أرَقٍ وذا قَلَقٍ
فالآنَ قَرَّ الجَفْنُ والجَنب
جُدْلي بجِدٍّ منك أحْىَ به
فالدّهرُ دَهرٌ كُلُّه لعب
أمّا القريضُ فعَنْه يَشغلُني
زَمَنٌ خَبيئةُ صَدْرِه خِبّ
فاليومَ لي من نظْمِه عَجَبٌ
ولقد عُمِّرْتُ ولي بهِ عُجب
شَبَكُ الكريم قصيدةٌ نُظِمتْ
وبديعُ بَيتٍ وَسْطَها الحَبّ
فأصِخْ وأولِ من الصنائع ما
تَرضى المَبادىءُ منه والغِبّ
فالجودُ فِعْلٌ واحدٌ وبه
لك شاكرانِ العَبْدُ والرَّبّ