أَلا حَيِّيا بِالزُرقِ دارَ مُقامِ
لِمَيٍّ وَإِن هاجَت رَجيعَ سَقامي
عَلى ظَهرَ جَرعاءِ الكَثيبِ كَأَنَّها
سَنِيَّةُ رَقمٍ في سَراةِ قِرامِ
إِلى جَنبِ مَأوى جامِلٍ لَم تَدَع بِهِ
مِن العُنَنِ الأَرواحُ غَيرَ حُطامِ
كَأَنَّ بَقايا حائِلٍ في مُراحِهِ
لُقاطاتُ وَدعٍ أَو قُيوضُ يَمامِ
تَرائِكُ أَيأَسنَ العَوائِدَ بَعدَها
أَهَفنَ وَطارَ الفَرخُ بَعدَ رُزامِ
خَلاءً تَحِنُّ الريحُ أَو كُلَّ بُكرَةٍ
بِها مِن خَصائِصِ الرِمثِ كُلَّ ظَلامِ
وَلِلوَحشِ وَالجَنّانِ كُلَّ عَشِيَّةٍ
بِها خِلفَةٌ مِن عازِفٍ وَبُغامِ
كَحَلتُ بِها إِنسانَ عَيني فَأَسبَلَت
بِمُعتَسِفِ بَينَ الجُفونِ تُؤامِ
تُبَكي عَلى مَيٍّ وَقَد شَطَّتِ النَوى
وَما كُلُّ هذا الحُبِّ غَيرُ غَرامِ
لَيالِيَ مَيٌّ مَوتَةٌ ثُمَّ نَشرَةٌ
لِما أَلمَحَت مِن نَظرَةٍ وَكَلامِ
إِذا اِنجَرَدَت إِلّا مِنَ الدِرعِ وَاِرتَدَت
غَدائِرَ مَيّالِ القُرونِ سُخامِ
عَلى مَتنَةٍ كَالنِسعِ تَحبو ذُنوبُها
لأَحقَفَ مِن رَملِ الغِناءِ رُكامِ
أَلا طَرَقَت مَيٌّ وَبَيني وَبَينَها
مَهاوٍ لأَصحابِ السُرى وَتَرامي
فَتىً مُسلَهِمَّ الوَجهِ شارَكَ حُبَّها
سَقامُ السُرى في جِسمِهِ بِسَقامِ
أَلا يا اسلَمي يا مَيُّ كُلَّ صَبيحَةٍ
وَإِن كُنتُ لا أَلقاكِ غَيرَ لِمامِ
وَأَنّى اِهتَدَت مَيٌّ لِصُهبٍ بِقَفرَةٍ
وَشُعثٍ بِأَجوازِ الفَلاةُ نِيامِ
أَناخوا وَنَجمٌ لاحَ بارِقُ ضَوئِهِ
يُخالِفُ شَرقِيَّ النُجومِ تِهامِ
وَلَم تَستَطع مَيٌّ مُهاواتَنا السُرى
وَلا لَيلَ عيسٍ في البُرينِ سَوامِ
فَإِن كُنتِ إِبراهيمَ تَنوينَ فَاِلحَقي
نَزُرهُ وِإِلّا فَاِرجِعي بِسَلامِ
صَفِيَّ أَميرِ المُؤمِنينَ وَخالَهُ
سَمِيَّ خَليلِ اللَهِ وَاِبنَ هِشامِ
أَغَرَّ كَضَوءَ البَدرِ يَهتَزُ لِلنَدى
كَما اِهتَزَّ بِالكَفَّينِ نَصلُ حُسامِ
فِدىً لَكِ مِن حَتفِ المَنونِ نُفوسُنا
وَما كانَ مِن أَهلٍ لَنا وَسَوامِ
أَبوكَ الَّذي كانَ اِقشَعَرَّ لِفَقدِهِ
ثَرى أَبطَحٍ سادَ البِلادَ حَرامِ
سَما بِكَ آباءٌ كَأَنَّ وُجوهَهُم
مَصابِيحُ تَجلو لَونَ كُلِّ ظَلامِ
وَأَنتُم بَنو ماءِ السَماءِ وَأَنتُمُ
إَلى حَسَبٍ عِندَ السَماءِ جُسامِ
إِلَيكَ اِبتَعَثنا العيسَ وَاِنتَعَلَت بِنا
فَيافِيَ تَرمي بَينَها بِسِهامِ
قِلاصاً رَحَلناهُنَّ مَن حَيثُ تَلتَقي
بِوَهبينَ فَوضى رَبرَبٍ وَنَعامِ
يُراعينَ ثيرانَ الفَلاةِ بَأَعيُنٍ
صَوافي سَوادِ المَأقِ غَيرِ ضِخامِ
وَآذانِ خَيلٍ في بَراطيلَ خَشِّشَت
بُراهُنَّ مِنها في مُتونِ عِظامِ
إِذا ما تَجَلَّت لَيلَةُ الرَكبَ أَصبَحَت
خَراطيمُها مَغمورَةٌ بِلُغامِ
فَكَم واعَسَت بِالرَكبِ مِن مُتَعَسَّفٍ
غَليظٍ وَأَخفافُ المَطِيِّ دوامِ
سَباريتَ إِلّا أَن يَرى مُتَأَمِّلٌ
قَنازِعَ أَسنامٍ بِها وَثَغامِ
وَمِن رَملَةٍ عَذراءَ مَن كُلِّ مَطلَعٍ
فَيُمرُقنَ مِن هاري التُرابِ رُكامِ
وَكَم نَفَّرَت مِن رامَحٍ مُتَوَضِّحٍ
هِجانِ القَرا ذي سُفعَةٍ وَخِدامِ
لَياحِ السَبيبِ أَنجَلِ العَينِ آلِفِ
لِما بَينَ غُصنٍ مُعبِلٍ وَهُيامِ
وَكَم حَنَشٍ ذَعفِ اللُعابِ كَأَنَّهُ
عَلى الشَرَكِ العادِيِّ نِضوُ عِصامِ
بِأَغبَرَ مَهزولِ الأَفاعي مَجَنَّةٍ
سَخاوِيَّةٍ مَنسوجَةٍ بِقَتامِ
وَكَم خَلَّفَت أَعناقُها مِن نَحيزَةٍ
وَأَرعَنَ مِن قودِ الجِبالِ خُشامِ
يُشَبِّهُهُ الراؤونَ وَالآلُ عاصِبٌ
عَلى نِصفِهِ مِن مَوجِهِ بِحِزامِ
سَماوَةَ جَونٍ ذي سَنامَينِ مُعرِضٍ
سَما رَأسُهُ عَن مَرتَعٍ بِحِجامِ
إِلَيكَ وَمِن فَيفٍ كَأَنَّ دَوِيَّهُ
غِناءُ النَصارى أَو حَنينُ هِيامِ
وَكَم عَسَفَت مِن مَنهَلٍ مُتَخَطَأٍ
أَفَلَّ وَأَقوى بِالجِمامِ طَوامِ
إِذا ما وَرَدنا لَم نُصادِف بِجَوفِهِ
سِوى وارِداتٍ مِن قَطاً وَحَمامِ
كَأَنَّ صِياحَ الكُدرِ يَنظُرنَ عَقبَنا
تَراطُنُ أَنباطٍ عَلَيهِ قِيامِ
إِذا ساقِيانا أَفرَغا في إِزائِهِ
عَلى قُلُصٍ بِالمُقفِراتِ حِيامِ
تَداعَينَ بِاِسمِ الشَيبِ في مُتَثَلِّمٍ
جَوانِبُهُ مِن بَصرَةٍ وَسَلامِ
زَهاليلُ أَشباهٌ كَأَنَّ هَوِيَّها
إِذا نَحنُ أَدلَجنا هَوِيُّ جَهامِ
كَأَنّا عَلى أَولادِ أَحقَبَ لاحَها
وَرَميُ السَفا أَنفاسَها بِسِهامِ
جَنوبٌ ذَوَت عَنها التَناهي وَأَنزَلَت
بِها يَومَ ذَبّاتِ السَبيبِ صِيامِ
كَأَنَّ شُخوصَ الخَيلِ هامٍ مَكانَها
عَلى جُمَدِ رَهبى أَو شُخوصُ خِيامِ
يُقَلِّبنَ مِن شُعَراءِ صَيفٍ كَأَنَّها
مَوارِقَ لِلَدغِ اِنخِزامُ مَرامِ
نُسوراً كَنَقشِ العاجِ بَينَ دَوابِزٍ
مُخَيَّسَةٍ أَرساغُها وَحَوامِ
فَلَمّا اِدَّرَعنَ اللَيلَ أَو كُنَّ مُنصَفاً
لِما بَينَ ضَوءٍ فَاسِحٍ وَظَلامِ
تَوَخى بِها العَينَينِ عَينَي غُمازَةٍ
أَقَبُ رَباعٍ أَو قُوَيرِحِ عامِ
طَوي البَطنِ زَمّامٌ كَأَنَّ سَحيلَهُ
عَلَيهِنَّ إِذ وَلّى هَديلُ غُلامِ
يَشُجُ بِهِنَّ الصُلبَ شَجاً كَأَنَّما
تَحَرَّقنَ في قيعانِهِ بِضرامِ