خطابٌ عن لقائكمُ يَعُوقُ
وَمِثْلي لا يُناطُ به العقوقُ
أأقدر أنْ يُقَدَّرَ لي زمانٌ
له خُلُقٌ بأُلفَتِنا خليقُ
فيقبض بُعْدَنا ليلٌ عَدوٌّ
ويبسط قُربَنا يومٌ صديقُ
لَقَد حَنَّتْ إلى مَثواكَ نَفسي
كمُرْزِمَةٍ إلى وَطَنٍ تتوقُ
تَحَمّلَ بالنّوَى عنِّي التأسّي
وحَمّلَني الأَسى ما لا أُطيقُ
وَحَمّرَ دمعيَ المبيضَّ حُزْنٌ
يذوب بحرِّهِ قَلبي المشوقُ
كأنَّ العينَ تُسْقِطُ مِنهُ عيناً
فَلُؤلُؤهُ إِذا ذَرَفَت عَقيقُ
وهَبني قد قدحتُ زنادَ عزمٍ
تضرّمَ في الأناة له حريقُ
ألَيْسَ اللَّه ينفذ منه حكماً
فَيعقلني به وأَنا الطّليقُ
فرَغتُ منَ الشبابِ فَلَستُ أَرنو
إلى لهوٍ فيشغلني الرّحيقُ
ولا أَنا في صقليةٍ غلاماً
فتلزمني لكلّ هوىً حُقوقُ
لَياليَ تُعْمِلُ الأَفراحُ كَأسي
فما لي غير ريقِ الكأسِ ريقُ
تَجَنَّبْتُ الغِوايَةَ عن رَشادٍ
كما يَتَجَنّبُ الكَذبَ الصّدوقُ
وَإِن كانَت صباباتُ التصابي
تَلوحُ لها على كَلِمي بروقُ
كَتَبتُ إِلَيكِ في سِتينَ عاماً
فساحاً في خطايَ بهنّ ضيقُ
ومن يرحلْ إلى السبعين عاماً
فمعتَرَكُ المنون له طريقُ
أَبا الحسنِ انتَشِقْ مِنِّي سلاماً
كأنّ نسميه مسكٌ فتيقُ
وقلّ لدى عليلٍ عند كربٍ
تناولُ راحةٍ فيها يفيقُ
أرى القدَرَ المُتَاحَ إذا رآني
جريتُ جَرَى فكان هو السّبوقُ
فلا تيْأسْ فللرحمنِ لُطْفٌ
يُحَلّ بِيُسْرِهِ العَقْدُ الوثيقُ