إباؤك للمجد أن يبتذل

التفعيلة : البحر المتقارب

إِباؤُكَ لِلمَجدِ أَن يُبتَذَل

أَصارَ لَكَ الناسَ طُرّاً خَوَل

وَآزَرَكَ الرَأيُ ما إِن يَفيلُ

وَضافَرَكَ العَزمُ ما إِن يُفَلّ

فَلَم تَتَّرِك حِصَّةً في الثَناءِ

تُسامُ وَلا فُرصَةً تُبتَذَل

عُلىً فَضَّتِ الخَلقَ عَن نَهجِها

فَأَفضَت إِلى رُتبَةٍ لَم تُنَل

وَما هِيَ مِن رُتَباتِ الوَرى

فَهَل زُحَلٌ لَكَ عَنها زَحَل

لَقَد كَفَلَت بِالغِنى وَاِلتَوى

يَدٌ في النَدى وَالرَدى لَم تَطُل

يَدٌ كُلَّما فَتَكَت بِالنُضا

رِ قالَ الرَجاءُ لَها لا شَلَل

تَرى بَذلَهُ بِيَسيرِ السُؤالِ

وَتَمنَعُهُ مِن نِصالِ الأَسَل

إِذا قَبَّلَ الناسُ راحَ المُلوكِ

وَقاها ثَرى قَدَمَيكَ القُبَل

وَحُقَّ الجَلالُ لِرَبِّ الخِلالِ

غَذاها الحِجى وَعَداها الخَلَل

فَمَشروعُ إِنصافِهِ لا يَميلُ

وَمَسموعُ أَوصافِهِ لا يُمَلّ

يُعَفّي عَلى مَن عَفا أَو كَفى

وَيوفي عَلى مَن وَفى أَو عَدَل

وَيَشرَهُ في العَفوِ عَن قُدرَةٍ

وَيَكرَهُ سَبقَ الحُسامِ العَذَل

مَنيعُ الجَنابِ إِذا الدَهرُ صالَ

سَريعُ الجَوابِ إِذا السَيفُ صَلّ

مَديدُ الظِلالِ سَديدُ المَقالِ

شَديدُ المِحالِ بَعيدُ المَحَلّ

مَحَلٌّ يَقي بِالنَدى المَحلَ عَنهُ

حَيا مُزنِهِ ما وَنى مُذ هَطَل

فَما اِرتَحَلَ المَجدُ مُذ حَلَّهُ

وَلا اِنفَصَلَ الحَمدُ مُنذُ اِتَّصَل

وَلا جاوَزَ الذَمُّ فيهِ الثَنا

وَلا ذَعَرَ الناسُ عَنهُ الأَمَل

تَخَيَّرَ ذو العَرشِ لِلمُسلِمينَ

غِياثاً كَفى الدينَ أَن يُبتَذَل

يُحِلّونَهُ بِسَوادِ القُلو

بِ ضَنّاً بِهِ عَن سَوادِ المُقَل

رَعاهُم بِطَرفٍ كَثيرِ الرُنُوِّ

وَقَلبٍ مِنَ اللَهِ جَمِّ الوَجَل

فَمُذ باتَ يَحرُسُهُم لَم يَنَم

وَمُذ ظَلَّ يَكلَؤُهُم ما غَفَل

كَثيرُ الأَناةِ وَإِن لَم تَزَل

عَطاياهُ مَخلوقَةً مِن عَجَل

مَكارِمُ لَو لَم تُحَلَّل لَدَيكَ

لَدامَت مَحارِمَ لا تُستَحَلّ

وَلَمّا عَمَمتَ بِها السائِلي

نَ عادَت تَطَلَّبُ مَن لَم يَسَل

وَأَنزَرُها كَالأَتِيِّ اِستَمَدَّ

وَأَيسَرُها كَالغُمامِ اِستَهَلّ

أَتاكَ هَواها أَمامَ اللِبانِ

لِذَلِكَ لَم تَبغِ عَنها حِوَل

وَواصَلتَها وَصلَ ذي صَبوَةٍ

عَزيزِ السُلُوِّ عَسيرِ المَلَل

فَيا مَن مَراميهِ لا تُنتَحى

وَيا مَن مَساعيهِ لا تُنتَحَل

وَيا عَلَمَ المَجدِ قاضي القُضاةِ

وَيا سَيِّدَ الوُزَراءِ الأَجَلّ

لَأَنتَ عَلى طيبِ أَصلٍ نَما

كَ مِن كُلِّ شاهِدِ عَدلٍ أَدَلّ

وَما زِلتَ في طُرُقاتِ العَلاءِ

تَدُلُّ عَلَيها وَما إِن تُدَلّ

كَفاكَ الخِداعَ أَوانَ القِرا

عِ عَزمٌ يَقُدُّ إِذا العَضبُ كَلّ

عُرِفتَ بِهِ وَكَذاكَ الأَسو

دُ بِالحَولِ تَفعَلُ لا بِالحِيَل

سَطَوتَ عَلى الدَهرِ لَمّا اِعتَدى

وَقَد كانَ ذا مَيَلٍ فَاِعتَدَل

فَخَوفُكَ في صَدرِهِ ماثِلٌ

وَأَمرُكَ في صَرفِهِ مُمتَثَل

وَجَرَّدتَ رَأيَكَ قَبلَ السُيوفِ

فَأَغنى مَواضِيَها أَن تُسَلّ

وَأَعمَلتَهُ وَاِطَّرَحتَ الرِماحَ

لِما في عَوامِلِها مِن خَطَل

إِذا قَصُرَت دَرَجُ المُرتَقينَ

فَإِنَّكَ ذو الدَرَجاتِ الطُوَل

وَإِنَّ الإِمامَ مَعَدّاً رَآ

كَ خَيرَ مُعَدٍّ لِأَمرٍ جَلَل

فَقَلَّدَكَ الحُكمَ في مُلكِهِ

كَما قُلِّدَ المَشرَفِيَّ البَطَل

فَمَن ذا لِذَبِّكَ عَنهُ اِستَقَلَّ

وَمَن ذا بِعِبئِكَ فيهِ اِستَقَلّ

وَأَتحَفتَهُ بِحُسامِ الفُتوحِ

فَعاضَكَ ما اِجتابَهُ مِن حُلَل

فُتوحٌ أَتَت وَالقَنا لَم يَرِم

مَراكِزَهُ وَالظُبى في الخِلَل

أَنَختَ بِصَنهاجَةَ النائِباتِ

فَفاتَ زَعيمَهُمُ ما أَمَل

فَمِن عُصَبٍ عَصَبَتها الحُروبُ

وَمِن ثُلَلٍ قَد مَحاها الثَلَل

وَكانَ يُسَمّى مُعِزّاً فَمُذ

تَحَدَّيتَهُ صار يُدعى مُذَلّ

فَما يَأمُلَن فَرَجاً بِالبِعادِ

طَريدُكَ مُستَضعَفٌ حَيثُ حَلّ

وَلَو أَقلَعَ الخَوفُ عَنهُ اِهتَدى

وَلَكِنَّهُ زادَ رُعباً فَضَلّ

وَخَوفُ حُذَيفَةَ عَمّى عَلَي

هِ بِالجَفرِ ما لَم يَغِب عَن حَمَل

وَلَو أَمَّ بابَكَ مُستَعصِماً

بِهِ صانَ مِن مُلكِهِ ما بَذَل

مَمالِكُ أَسلَمَها رَبُّها

وَفَرَّ فَظَلَّت كَشاءٍ هَمَل

تَخَطَّفَها كُلُّ لَيثٍ أَزَبَّ

وَدانَ بِها كُلُّ سِمعٍ أَزَلّ

إِذا رامَ رَيَّ كُعوبِ القَنا

ةِ لَم تَثنِهِ كاعِبٌ ذاتُ دَل

أَعاريبُ مُذ صِرتَ رِدءاً لَها

شَفَت مِن عِدى الحَقِّ كُلَّ الغُلَل

وَلَمّا خَشيتَ عَلَيها الخِلافَ

وَما اِختَلَفَ العِزُّ إِلّا اِنتَقَل

أَبَيتَ لِأَعناقِها أَن تُغَلَّ

وَصُنتَ غَنائِمَها أَن تُغَل

وَأَرسَلتَ فيهِم أَميناً كَفاكَ

فَقَسَّمَ بِالعَدلِ ذاكَ النَفَل

وَجابَ إِلى أَن أَجابَ الصَريخَ

مَهامِهَ مَن دَلَّ فيها أَضَلّ

مَفاوِزَ لَو أَمَّها الشَنفَرى

عَلى عِلمِهِ بِالسُرى ما وَأَل

مَضى مُعلِناً بِشِعارِ الإِمامِ

وَراياتِهِ في مَحَلٍّ مَحَل

يُؤَيِّدُهُ حَدُّكَ المُتَّقى

وَيَعضُدُهُ جَدُّكَ المُقتَبَل

إِلى أَن أَناخَ إِلى القَيرُوا

نِ مِن بُزلِهِ كُلَّ دامي الأَظَل

فَقَضّى المَآرِبَ ما عاقَها

شِماسٌ وَلا عاقَ عَنها فَشَل

فَخَصَّ بِأَوفى العَطِيّاتِ مَن

يُسَدِّدُ في غَزوِهِ وَالقَفَل

فَمَن لَم يُدِلهُ الأَجَلُّ المَكي

نُ مِن صَرفِ أَيّامِهِ لَم يُدَل

فَناقَضَ أَملاكَ هَذا الزَمانِ

بِما بَذَّ فيهِ المُلوكَ الأُوَل

فَما اِستَعمَلوا الغَدرَ إِلّا وَفى

وَلا أَعمَلوا الفِكرَ إِلّا اِرتَجَل

وَلا بَرَّضوا النيلَ إِلّا أَفاضَ

وَلا مَرَّضوا القَولَ إِلّا فَعَل

إِذا أَمرَعوا فُقتَهُم في المُحولِ

وَإِن أَسرَعوا فُتَّهُم بِالمَهَل

فَهُم مَرَهٌ في عُيونِ العُلى

وَإِنَّكَ وَاِبنَيكَ فيها كَحَل

شَبيهُكَ في العَهدِ ما إِن يَحو

لُ يَوماً وَفي العَقدِ ما إِن يُحَل

سَحابَي نَوالٍ زَمانَ الجَدا

وَسَهمي نِضالٍ أَوانَ الجَدَل

فِداؤُهُما كُلُّ مُرخي الإِزا

رِ جَلّى أَبوهُ وَلَمّا يُصَل

إِذا عُدَّ فَخرُ الأُصولِ اِعتَزى

وَإِن عُدَّ فَخرُ الفُروعِ اِعتَزَل

أَتَرضى مَعاليكَ لي أَن أَعُدَّ

بَعدَ النَباهَةِ فيمَن خَمَل

لَئِن جَلَّ ما خَوَّلَتني لُهاكَ

فَإِنَّ الكَرامَةَ عِندي أَجَلّ

فَضاعِف بِها كَمَدَ الحاسِدينَ

وَزِد في مَضاي تَزِدهُم وَهَل

وَحُز مِدَحاً إِن سِواها اِنطَوى

بَدَت غُرَراً في وُجوهِ الدُوَل

ثَناءٌ يَحولُ بِأَقصى البِلادِ

وَيُلفى مُقيماً إِذا ما رَحَل

وَلا تُنكِرَنَّ جِماحَ المُنى

فَأَنتَ مَدَدتَ لَها في الطِوَل

وَلَم أَعدُ قَدرِيَ كَي لا يَكو

نَ ذا أَمَلٍ طالَ حَتّى أَمَلّ

مَضى الصَومُ مُحتَقِباً مِن تُقا

كَ أَحسَنَ قَولٍ وَأَزكى عَمَل

وَعاوَدَكَ العيدُ يُثني عَلَيكَ

فَدُمتَ لَهُ زينَةً ما أَظَلّ

وَقَد سَمِعَ اللَهُ فيكَ الدُعا

ءَ مِمَّن دَعا مُخلِصاً وَاِبتَهَل

وَلا حُرِمَت سُؤلَها أُمَّةٌ

دَعَت لِلأَجَلِّ بِطولِ الأَجَل

كَفى اللَهُ مَجدَكَ عَينَ الكَمالِ

فَمَن نالَ أَوفى مَداهُ كَمَل


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما نرى للثناء عنك عدولا

المنشور التالي

أبى الدهر إلا أن تقول وتفعلا

اقرأ أيضاً