إِنَّ العُلى المُعيي المُلوكَ طِلابُها
لَكَ دونَ هَذا الخَلقِ يُفتَحُ بابُها
خَطَبَتكَ راغِبَةً إِلَيكَ وَطالَما
رُدَّت عَلى أَعقابِها خُطّابُها
وَلَقَد فَرَعتَ بِما صَنَعتَ مَحَلَّةً
لَولا النُجومُ تَعَذَّرَت أَترابُها
وَبِكَ اِنجَلى عَن مُقلَةِ الحَقِّ القَذى
وَاِنجابَ عَن لَيلِ الخُطوبِ حِجابُها
وَأَعَدتَ أَيامَ الخِلافَةِ غَضَّةً
فَمَضى شَباها مُنذُ عادَ شَبابُها
مُستَرجِعاً بِالمُرهَفاتِ مَمالِكاً
لَولاكَ ما غَصَّت بِها غُصّابُها
فَاِفخَر فَإِنَّكَ غُرَّةٌ في أُسرَةٍ
دَلَّت عَلى أَنسابِها أَحسابُها
وَتَمَلَّها خِيَماً حَباكَ النَصرَ مَن
مُدَّت لِنُصرَةِ دينِهِ أَطنابُها
طَلَعَت بِأَعلاها نُجومُ دُجىً ضُحىً
زَهَرَت فَمِن أَنوارِها جِلبابُها
وَبِها الحَيا وَالشَمسُ طالِعَةٌ فَهَل
عُقِدَت عَلى الفَلَكِ المُدارِ قِبابُها
قَصرٌ إِذا الشُعَراءُ رامَت وَصفَهُ
عَجَزَت وَقَصَّرَ دونَهُ إِطنابُها
في كُلِّ فِترٍ مِنهُ حَربٌ لَم تَرُع
مَن قاتَلَتهُ سُيوفُها وَحِرابُها
كَثُرَت مُهاواةُ الرِجالِ مُشيرَةً
بِظُبى صَوارِمِها وَقَلَّ ضِرابُها
تَحمي الرُماةُ بِها حَقائِقَها وَلَم
يَسطِع فِراقَ قِسيِّها نُشّابُها
فَتَرى الأُسودَ بِهِ فَوارِسَ حَيثُ لا
تَعدو وَلا تَفري الطُلى أَنيابُها
وَتَرى الفَوارِسَ لا تَمَلُّ جيادُها
تُزجي الظَعائِنَ لا تَكِلُّ رِكابُها
أَبَداً تَسيرُ وَلا تَزولُ فَهَل تُرى
عَرَفَت غُيوثَ الجودِ أَينَ مَصابُها
عَزمٌ مَتى تَصِلِ العِدى أَخبارُهُ
قَبلَ العِيانِ تَقَطَّعَت أَسبابُها
يا مُتعِبَ النَفسِ النَفيسَةِ حَسبُ مَن
قارَعتَ عَنهُ راحَةً إِتعابُها
مَن هَمَّ بِالعَلياءِ هامَ فُؤادُهُ
وَجداً بِها وَحَلا بِفيهٍ صابُها
أَيَنالُ مَن صَعُبَت عَلَيهِ سُهولُها
ما نالَ مَن سَهُلَت عَلَيهِ صِعابُها
تَفديكَ مِن غَيرِ الزَمانِ خَلائِقٌ
في راحَتَيكَ ثَوابُها وَعِقابُها
إِنَّ السَماءَ رَأَت فَعالَكَ في الوَرى
فَإِذا دَعَوا لَكَ فُتِّحَت أَبوابُها
وَالأَرضُ إِن خافَت فَمِنكَ ذَهابُ ما
تَخشى وَإِن ظَمِئَت فَمِنكَ ذِهابُها
لا تَشتَكي ظُلماً وَعَدلُكَ جارُها
كَلّا وَلا ظُلَماً وَأَنتَ شِهابُها
خَبُثَت فَمُذ طَهَّرتَها بِدِماءِ مَن
خَبُثَت بِهِم طَهُرَت وَطابَ تُرابُها
لَولا فِعالُكَ بِالطَواغي لَم تَلُذ
حَذَرَ البَوارِ بِرومِها أَعرابُها
هَيهاتَ لا عِزٌّ يُتاحُ لَها وَقَد
دانَت لِمُلكِكَ كَلبُها وَكِلابُها
وَبِلادُ أَرمانوسَ سَوفَ تَشيمُها
إِن حانَ مالِكُها وَحانَ خَرابُها
وَالمُلكُ لا يَبقى لَهُ إِلّا كَما
يَبقى عَلى وَجهِ المُدامِ حَبابُها
وَالرومُ ثابِتَةٌ كَما زَعَمَت إِذا
ثَبَتَت عَلى وَقعِ السُيوفِ رِقابُها
وَلَها مِنَ البيضِ الرِقاقِ رِهافُها
إِن لَم تُنِب وَمِنَ العِتاقِ صِلابُها
خَيلٌ إِذا رَكَضَت تَساوى عِندَها
مِن كُلِّ أَرضٍ وَهدُها وَهِضابُها
تَردي بِآسادٍ خَوادِرَ في القَنا
مِنها أَظافِرُها وَمِنها غابُها
وَأَمامَها ظَفِرٌ يَذِلُّ لَهُ العِدى
وَيُفَلُّ ظُفرُ النائِباتِ وَنابُها
إِذعَر جُيوشَهُمُ بِجَيشِكَ إِنَّها
نَعَمٌ وَأَطرافُ الوَشيجِ ذِئابُها
وَالقَومُ إِن شَطَّت بِعِزِّهِمُ النَوى
فَاِبنُ المُفَرِّجِ لا تَشُكَّ غُرابُها
إِن زُرتَ مَملَكَةَ النَصارى زَورَةً
أَعيا عَلى أَصحابِها إِصحابُها
ثَبَتَت بِأَفئِدَةِ العِدى لَكَ هَيبَةٌ
سَتَزولُ مِن إِلبابِها أَلبابُها
هَمِمٌ يُهيبُ بِهَ الوَليُّ لِدَفعِ ما
يَخشى وَلَكِنَّ العَدوَّ يَهابُها
عَزَّت وَجادَت فَالمَروعُ طَريدُها
في كُلِّ أَرضٍ وَالمَريعُ جَنابُها
يا مُصطَفى المُلكِ المُظَفَّرَ دَعوَةً
عَدواكَ إِن عَدَتِ الخُطوبُ جَوابُها
حَسُنَت بِكَ الدُنيا فِإِن هِيَ أُعجِبَت
تيهاً فَلَيسَ بِمُنكَرٍ إِعَجابُها
إِنَّ القَوافِيَ وَهيَ غَيرُ مَلومَةٍ
مُذ أَصبَحَت دَأبي فَمَدحُكَ دابُها
فَاِلبَس مِنَ الحَمدِ المُؤَثَّلُ موقِناً
أَنَّ المَحامِدَ لَن تَرِثَّ ثِيابُها
حُلَلاً عَلَيَّ وَما أُكافِئ نَسجُها
وَعَلى مَناقِبِكَ العُلى إِذهابُها
وَإِذا الخُيولُ تَسابَقَت في حَلبَةٍ
بانَت هُناكَ هِجانُها وَعِرابُها
قَد صَحَّ لي كَدَرُ المُلوكِ وَغَدرُها
لَمّا وَفى لي صَفوُها وَلُبابُها
غَريَت صُروفُ الدَهرِ بي إِن غَرَّني
مِن بَعدِ أَن هَطَلَت يَداكَ سَرابُها
أَحلَيتَ لي العَيشَ الأَمَرَّ بِأَنعُمٍ
صَدَقَت بَوارِقُها وَسَحَّ سَحابُها
وَنَذَرتَني كَرَماً بِمُقلَةِ عالِمٍ
أَنَّ الرِجالَ حُليُّها آدابُها
فَاِسلَم وَإِن رُغَمَت عِداكَ لِأُمَّةٍ
لَولاكَ طالَ عَلى الزَمانِ عِتابُها