أمامك فانظر أي نهجيك تنهج

التفعيلة : البحر الطويل

أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهجُ

طريقان شتى مستقيمٌ وأعوجُ

ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكُم

بآل رسول الله فاخشوا أو ارْتجوا

أكُلَّ أَوانٍ للنبي محمدٍ

قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ

تبيعون فيه الدينَ شرَّ أئِمَّةٍ

فلله دينُ الله قد كاد يَمْرَجُ

لقد ألحجوكم في حبائل فتنة

ولَلْملحِجُوكُم في الحبائل ألْحَجُ

بني المصطفى كم يأكل الناس شِلْوَكُم

لِبَلْواكُمُ عمّا قليل مُفَرَّجُ

أما فيهمُ راعٍ لحق نبيه

ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ

لقد عَمَهُوا ما أنزل الله فيكُمُ

كأنّ كتاب الله فيهم مُمَجْمَجُ

ألا خاب من أنساه منكم نصيبَهُ

متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزِبرجُ

أبعدَ المكنَّى بالحسين شهيدكم

تُضيء مصابيحُ السماء فَتُسْرَجُ

شَوىً ما أصابت أسهمُ الدهر بعده

هوى من هوى أو مات بالرمل بَحرَجُ

لنا وعلينا لا عليه ولا له

تُسَحْسِحُ أسرابُ الدموع وتَنْشِجُ

وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه

له في جنان الخلد عيشٌ مُخَرْفجُ

وقد نال في الدنيا سناءً وصِيتةً

وقام مقاماً لم يَقُمْهُ مُزَلَّجُ

فإن لا يكن حيّاً لدينا فإنه

لدى اللَه حيٌّ في الجنان مزوَّجُ

وكنَّا نرجِّيه لكشف عَماية

بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ

فساهَمَنَا ذو العرش في ابن نَبيِّه

ففاز به والله أعلى وأفلجُ

مضى ومضى الفُرَّاط من أهل بيته

يؤُمُّ بهم وِرْدَ المنية منهجُ

فأصبحتُ لا هم أبْسَؤُوني بذكره

كما قال قبلي في البُسُوء مُؤَرِّجُ

ولا هو نسَّاني أسايَ عليهمُ

بلى هاجه والشجوُ للشجو أَهْيجُ

أبيتُ إذا نام الخَليُّ كأنما

تَبطَّنَ أجفاني سَيَالٌ وعَوْسَجُ

أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفةً

يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ

أحين تَراءتك العيونُ جِلاءها

وإقذاءَها أضحتْ مَرَاثيك تُنسَجُ

بنفسي وإن فات الفداءُ بك الردى

محاسنُك اللائي تُمَحُّ فَتُنهَجُ

لمن تَسْتجِدُّ الأرضُ بعدك زينةً

فتصبحَ في أثوابها تتبرَّجُ

سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمةٌ

عليك وممدودٌ من الظلِّ سَجْسَجُ

ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ

يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ

ويا أسفي ألّا تَرُدَّ تحيةً

سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ

ألا إنما ناح الحمائمُ بعدما

ثَوَيْتَ وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ

أذمُّ إليك العينَ إن دموعها

تَداعَى بنار الحزن حين تَوهّجُ

وأحمدُها لو كفكفتْ من غُروبها

عليك وخَلَّتْ لاعجَ الحزن يلْعَجُ

وليس البكا أن تسفح العينُ إنما

أحرُّ البكاءينِ البكاءُ الموَلَّجُ

أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة

وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ

فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه

لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ

عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها

فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ

ألا أيها المستبشرون بيومه

أظلت عليكم غُمَّةٌ لا تفرَّجُ

أكلُّكُمُ أمسى اطمأن مِهادُه

بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ

فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُمُ

بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ

فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُمُ

غداةَ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ

لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارِباً

كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ

ولكنه ما زال يغشى بنحره

شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ

وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه

أبَى خطَّةَ الأمر التي هي أسمجُ

وأين به عن ذاك لا أين إنه

إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ

كأني به كالليث يحمي عرينَه

وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهِجُ

يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ

ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ

كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله

أبي حسنٍ والغصن من حيث يخرجُ

كأني أراه والرماح تَنوشُهُ

شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ

كأني أراه إذ هوى عن جواده

وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّجُ

فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى

وحُبَّ به روحاً إلى الله تعرجُ

أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أيْطَلٌ

طِراداً ولم يُدبْر من الخيل مَنْسِجُ

تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَةً

وذاك لكم بالغيِّ أغرى وألهجُ

تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم

ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ

أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم

وأوْكُوا على ما في العِيابِ وأشْرِجوا

وخلُّوا ولاةَ السوء منكم وغيَّهم

فأحْرِ بهمْ أن يغرقوا حيث لجَّجوا

نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ

إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا

على حين لا عُذْرى لمُعتذريكُمُ

ولا لكُمُ من حُجة الله مخرجُ

فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم

وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ

غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة

تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ

لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً

سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولَجُ

بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته

له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ

إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُهُ

بوارقَ لا يَسْطِيعُهُنَّ المُحمِّجُ

تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما

يُرَى البحرُ في أعراضه يتموَّجُ

له وَقْدةٌ بين السماء وبَيْنَهُ

تُلِمُّ بها الطيرُ العَوافي فتُهرَجُ

إذا كُرَّ في أعراضه الطرفُ أعرضت

حِراجٌ تحارُ العينُ فيها فتحْرَجُ

يؤيده ركنان ثَبْتان رَجْلُهُ

وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ

عليها رجال كالليوث بسالةً

بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ

تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة

تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ

فلو حصبتْهم بالفضاء سحابةٌ

لَظلَّ عليهم حصبُها يتدحرجُ

كأَن الزِّجَاجَ اللَّهذمياتِ فيهمُ

فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْينِيِّ مُسْرجُ

يودُّ الذي لاَقوْهُ أن سلاحه

هنالك خَلْخَالٌ عليه ودُمْلُجُ

فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه

ولله أوْسٌ آخرون وخزْرجُ

ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَهُ

تماماً وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ

وتظعن خوفَ السَّبي بعد إقامة

ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ

وقد كان في يحيى مُذَمِّرُ خطّةٍ

وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ

هنالكُمُ يشقَى تَبَيُّغُ جهلكم

إذا ظلت الأعناقُ بالسيف تُودَجُ

محضْتكُم نصحي وإنِّيَ بعدها

لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ

مَهٍ لا تعادَوا غِرّةَ البغي بينكم

كما يتعادى شعلةَ النار عَرْفجُ

أفي الحقِّ أن يُمسوا خِماصاً وأنتُمُ

يكاد أخوكُم بِطنةً يتبعَّجُ

تَمَشُّون مختالين في حُجراتِكم

ثقالَ الخُطا أكفالُكم تترجرجُ

وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدُكم

من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّجُ

تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم

ويَشْرع فيه أَرتبيلُ وَأَيْدُجُ

فقد ألجمتهم خِيفةُ القتل عنكُمُ

وبالقوم حاجٌ في الحيازم حُوَّجُ

بنفسي الأُلَى كظَّتهُم حسراتُكم

فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا

ولم تقنعوا حتى استثارت قُبُورَهم

كِلاَبُكُمُ منها بهيم ودَيْزجُ

وعيَّرتموهم بالسَّواد ولم يزل

من العَرَب الأمحاض أخضرُ أدعجُ

ولكنكم زرق يزين وجوهَكم

بني الرُّوم ألوانٌ من الرُّوم نُعَّجُ

لئن لم تكن بالهاشميين عاهةٌ

لما شَكْلُكُم تالله إلا المُعلْهجُ

بآيةِ ألا يبرحَ المرءُ منكُمُ

يُكَبُّ على حُرِّ الجبين فيُعفَجُ

يبيت إذا الصهباءُ رَوَّتْ مُشاشَه

يُساوِره علجٌ من الروم أعلجُ

فيطعنه في سَبَّة السوء طعنةً

يقوم لها من تحته يتفحَّجُ

لذاك بني العباس يصبر مثلُكُم

ويصبر للموت الكميُّ المدجَّجُ

فهل عاهةٌ إلا كهذي وإنكم

لأَكذبُ مسؤول عن الحق يَنهجُ

فلا تجلسوا وسط المجالس حُسَّراً

ولا تركبوا إلا ركائِبَ تُحْدَجُ

أبى الله إلا أن يَطيبوا وتخبثوا

وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا

وإن كنتُمُ منهم وكان أبوكُمُ

أباهم فإن الصّفْو بالرَّنق يُمزَجُ

أروني امرءاً منهم يُزَنّ بأُبْنَةٍ

ولا تنطقوا البهتان فالحق أبلجُ

لعمري لقد أغرى القلوبَ ابنُ طاهر

ببغضائكم ما دامت الريحُ تَنْأَجُ

سعى لكُمُ مَسعاةَ سوء ذميمةً

سعى مثلَها مستكره الرِّجْلِ أعرجُ

فلن تعدموا ما حنَّت النيَّب فتنةً

تُحشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ

وقد بدأت لو تَزْجُرُونَ بَرِيْحَها

بوائجُها من كلِّ أوبٍ تبوَّجُ

بني مصعب ما للنبي وأهله

عدوُّ سواكم أفْصِحوا أو فلَجْلِجُوا

دماءُ بني عبَّاسكم وعَلِيِّهمْ

لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ

يلي سفكَها العورانُ والعرجُ منكُم

وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ

وما بكُم أن تنصروا أولياءَكم

ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنَجُ

ولو أمْكَنَتكُمْ في الفريقينِ فرصةٌ

لقد بُيِّنَتْ أشياءُ تلوَى وتُحْنَجُ

إذن لاستقدتم منهما وِتْر فارسٍ

وإن وَلَّياكم فالوشائجُ أوشجُ

أبى أن تُحِبُّوهُم يدَ الدهرِ ذكرُكُم

لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ

وإني على الإسلام منكم لَخائفٌ

بوائقَ شتّى بابُها الآن مُرتَجُ

وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم

وحبلُهُمُ مستحكِمُ العقْدِ مدْمَجُ

نَظَارِ فإن الله طالبُ وتره

بني مصعبٍ لن يسبق اللهَ مُدْلِجُ

لعلَّ قلوباً قد أطلتم غليلها

ستظفر منكم بالشفاء فتُثلجُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا داعيا نحو العلاء مثوبا

المنشور التالي

بني المشرف جذ الله دابركم

اقرأ أيضاً

زمن ضاحك وروض جديد

زَمَنٌ ضاحِكٌ وَرَوْضٌ جَدِيدُ وَغُصونٌ مُرَنَّحاتٌ تَميدُ أَنْجُمُ الزَّهْرِ حَوْلَها فَتَراها طالِعاتٍ كأَنَّهُنَّ سُعُودُ تَغْتَدِي لِلْعُيونِ مِنْها عُيونٌ…