بدا الشيب في رأسي فجلى عمايتي

التفعيلة : البحر الطويل

بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي

كما كشفتْ ريح غماماً تَطَخْطَخَا

ولا بدّ للصبح الجلِيّ إذا بدت

تباشيْره أن يسلخ الليل مسلخا

وأضحت قناةُ الظَّهْر قُوِّسَ متْنُها

وقد كان معدولاً وإن عشتُ فخخا

وأحدث نقصانُ القُوىَ بين ناظري

وسمعي وبين الشخصِ والصوت بَرْزخا

وكنت إذا فَوَّقتُ للشخص لَمحَتي

طوتْ دونه سَهْباً من الأرض سَرْبَخَا

وكنتُ يناديني المنادي بعَفْوِهِ

فَيَغْتَالُ سمعي دون مَدْعَاهُ فرسخا

فحالَتْ صروفُ الدهر تنسخ جِدَّتي

وما أُمْلِيَتْ من قبلُ إلا لتُنْسَخا

وأصبحتُ عَمَّا للفتاة مُوَقَّراً

وقد كنت أيام الشباب لها أَخَا

وما عَجَبٌ أن كان ذاك فإنه

إذا المرء أشْوَتْهُ الحوادثُ شَيَّخَا

بَلَى عجبٌ أني جَزعت ولم أكن

جَزوعاً إذا ما عضَّهُ الدهرُ أَخَّخَا

عَزَاءَكَ فاذكرهُ ولا تنس مِدْحةً

لأَبْلَجَ يحكي سُنَّة البدر أبلْخَا

له سِيمِياءٌ بين عَيْنَيْ مُبَارَكٍ

إذا ما اجتلاها رَوْعُ ذي الروع أفْرَخَا

صَريخٌ لو اسْتَصْرخْتَه يا ابن طاهرٍ

على الدهر إذ أخنى عليك لأَصْرخا

من المُصْعَبيين الذين تفرَّعوا

شَمَاريخَ أطْوادٍ من المجد شُمَّخا

أُناسٌ متى ساءلت نَافَس حظَّهمْ

بأيَّامهم في الجود والبأس بَخْبَخَا

إذا ما المساعي أُجْريَتْ حلباتُها

بَدَوْا غُرراً في أَوجُه السَّبْق شُدَّخا

بِهم جُعِل المجدُ التَّليدا مُصَدَّراً

وليس بإنْسيٍّ سواهم مُؤَرَّخا

تَعَدَّ وأسرف في مديح ابن طاهرٍ

فلست على الإِسراف فيه مُوَبَّخَا

أبو أحمدٍ ليثُ البلاد وغيثها

إذا حطْمَةٌ لم تُبق في العظم منقخا

فتى لم يزل في رأس علياءَ دونها

بمَرْقَبة باضَ الأُنُوقُ وفَرَّخا

إذا راح في رَيَّا نَثَاه حسبتَه

هنالِك بالمسك الذَّكيِّ مُضَمَّخا

يُنِيخُ المَطيَّ الراغبون ببابه

ولو لم ينيخُوه إذن لَتَنَوّخا

تَظلّ متَى صافحتَ أسْرارَ كَفِّه

تَمَسُّ عيوناً من نَداهُنَّ نُضَّخَا

إذا وَعَدَ اهْتزت له الأرض نَضْرَةً

وأنبت منها كلُّ ما كان أسْبَخا

وإن أوْعَدَ ارتَجَّت فإن تمَّ سُخطهُ

تهاوت جبال الأرض في الأرض سُوَّخا

ولستَ تُلاقي عالماً ذا براعةٍ

بأبرَعَ منه في العوم وأرسخا

ولم تر ناراً أوقدت مثل ناره

لدى الحرب أشوى للأعادي وأطْبخا

كفى زمناً أدّى الأميرَ وأَهْلَه

به وبهمْ إن حاول البَذْخَ مَبْذَخَا

هو الطِّرْفُ أجرتْه الملوك ومسَّحت

قديماً له وجهاً أغرَّ مُشَمْرَخَا

إذا هو قاد المُصعبيين فاغتدَوا

جَحَاجحَةً تَهْدي غَطاريف شُرَّخا

فأيَّةَ دارٍ للعدا شاء جَاسَها

وأيةَ أرضٍ للعدا شاء دَوّخا

به أيَّدَ اللَّه الخلافة بعدما

وَهى كُلَّ وَهْيٍ رُكْنُها فتفسَّخا

هو الطَّاهر ابن الطَّاهرين الألى مَضَوْا

ولم يَلْبَسوا عرضاً مُذالاً مُطَيَّخا

ومُسْتَمْنِحِي مدحاً كمدحيه بعدما

تمكَّن إخلاصي له فَتَمَخَّخَا

فقلتُ له عني إليك فلن أرى

هواك لمثلي في رمادك مَنْفَخَا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا ابن حرب كسوتني طيلسانا

المنشور التالي

أصغى لما قلت الأصم الأصلخ

اقرأ أيضاً