في صباح رحيل نزار قباني
***
أدنى قصيدتهُ لتكتبهُ
وغافلَ غيمة ً مرت ْ
يقال ُ هي الحياة ْ
ونزارُ غادرَ خلسة ً في الصبح ِ
أيقظَ ليلتين وقال كلا
ثم مات ْ
كتبتْ مواجعهُ قبيلَ الموتِ أغنية ً
وغادرهُ رفاقُ الحفلِ
أشعلَ شمعةً أخرى إلى كل الجهاتْ
هل تأذن الآن القصيدة كي تقولَ
وكي أقولَ وكي نقولْ
سفرٌ على حدِّ السيوفِ قصائدي
ومواسمي , حقل ٌ تفرد َ
لا تشابههُ الحقولْ
إن قامَ يرتبكُ المدى
أو سارَ تتبعهُ الفصولْ
…
سقطتْ سيوفُ الشرقِ من زندي
ولم تقتلْ أحد ْ
أحد ٌ سوى هذا الجسدْ
فلتصرخ الأنثى إذا لم تلق سيفاً
بعد هذا اليوم يكتبُ عن مواجعها
وعن ظلم البلدْ
وليحرقَ التاريخُ مملكتي إذا يقوى عليْ
لا أنتقي لوناً سوى لوني إذا قالوا
هراءٌ حزنُ سيدة ٍ عليْ
وبكاء ُ عاشقة ٍ عليْ
في البدءِ كان الموتُ يقصيني و أدنيهِ
وأدنيهِ ويقصيني و أدنيهِ إليْ
ها أنا أعلنُ للتاريخِ أن يحرقَ أشعاري
إذا يقوى عليْ
…
أنا لا أسالم حينما
يغدو الخنوعُ هو السلامْ
أنا لا أهادنُ رأسَ جاريةٍ
و لا صوتُ القبيلةِ ضمن خارطتي
وأدعيةُ الوئامْ
لن أعلنَ الآن القصيدةَ
حين أعلنها
سينتفضُ الكلامْ
أنا شاعر ٌ يُوحى له ومواجع ٌ توحى له
وتمزق ٌ يوحى له و تشرذمٌ يوحى له
دوماً ويوحى الإنهزامْ
فأقول أغنية ً يرددها الأحبة ُ خفيةً
قبل المنامْ
أنا شاعر ٌ جُرحُ العروبة ِ عندهُ دَمِلٌ أسى
ونبيذها سـرا ً يُـدارُ على اللئام ْ
أنا شاعرٌ قِـط ٌ لكل أحبتي
غصنٌ من الزيتون إن شاؤوا
وإن شاؤوا حمام ْ
وأعيلُ أبنائي بخـبز قصائدي
لا أرتضي يوما ً لهم خبزا ً حرامْ
فلذا أموتُ اليوم مقتنعا ً
بهذا القدرِ من عمري
ومن هذا الحطام ْ
اقرأ أيضاً
سألت أبا يوسف حاجة
سَأَلتُ أَبا يوسُفٍ حاجَةً فَقالَ أَجِئُ بِها في غَدِ وَأَودَعُ إِنجازَها مَوضِعاً مِنَ المَنعِ تَقصُرُ عَنهُ يَدي وَلَو…
يا بائع الصبر لا تشفق على الشاري
يا بائعَ الصَّبرِ لا تُشفِقْ على الشَّاري فدِرهَمُ الصَّبرِ يَسوَى ألفَ دينارِ لا شيءَ كالصَّبرِ يَشفي جُرحَ صاحِبهِ…
جمعت في صفاتك الأضداد
جُمِعَت في صِفاتِكَ الأَضدادُ فَلِهَذا عَزَّت لَكَ الأَندادُ زاهِدٌ حاكِمٌ حَليمٌ شُجاعٌ ناسِكٌ فاتِكٌ فَقيرٌ جَوادُ شِيَمٌ ما…
لقد نأش الأقوام في الدهر مخلصا
لَقَد نَأَشَ الأَقوامُ في الدَهرِ مُخلِصاً وَعادوا بِلا نُجحٍ فَكَيفَ تَنوشُ وَآدَمُ وَلّى عَن بَنيهِ بِحَسرَةٍ وَوَدَّعَ شَيثٌ…
كأني أرى في الليل نصلاً مجردا
كَأَنّي أَرى في اللَيلِ نَصلاً مُجَرَّدا يَطيرُ بِكِلتا صَفحَتَيهِ شَرارُ تُقَلِّبُهُ لِلعَينِ كَفٌّ خَفِيَّةٌ فَفيهِ خُفوقٌ تارَةً وَقَرارُ…
مضى خلف الأبرار والسيد الطهر
مضى خلَفُ الأبْرارِ والسيّدُ الطُّهرُ فصدْرُ العُلى من قلبِه بعدَهُ صُفْرُ وغُيِّبَ منه في الثّرى نيّرُ الهُدى فغارَتْ…
قد جاء نصر الله والفتح
قَد جاءَ نَصرُ اللَهِ وَالفَتحُ وَشَقَّ عَنّا الظُلمَةَ الصُبحُ وَزيرُ مُلكٍ وَرَجا دَولَةٍ شِمَتُهُ الإِنعامُ وَالصَفحُ كَاللَيثِ إِلّا…
إني وإن لم أعدك يوما
إِنّي وَإِن لَم أَعُدكَ يَوماً فَلي عَلى وُدِّكَ اِعتِمادُ وَما تَأَخَّرتُ عَن مَلالٍ بَل مَرَضُ العَينِ لا يُعادُ