نَديميَ علّلْني بمَشْمولَةٍ واسْقِ
ولا تولِجَنْ سَمْعي حَديثاً عنِ العِشْقِ
فقد ضاقَ ميْدانُ الشّبابِ عنِ الهَوى
فآثَرتِ النّفْسُ الرّجوعَ الى الحَقِّ
وهَذا زمانُ الزّهْرِ حيّاكَ باسِماً
تَلوحُ سِماتُ البِشْرِ في وجْهِهِ الطّلْقِ
وقد قادَ يوْمُ الغيْمِ سُحْباً كأنّها
رِفاقٌ أتتْ تمشي الهُوَيْنى على رِفقِ
كأنّ حُداةَ الرّعْدِ ضلّتْ طريقَها
فهزّتْ لكَيْما تهْتَدي مِشْعَلَ البرْقِ
وكعْبَةِ روْضٍ زارَها القَطْرُ والتَقَتْ
بميقاتِها جوّابةُ الغَرْبِ والشّرْقِ
وقد قلَبَ السّوسانُ فيه رِداءَهُ
كأنّ النُعامَى أبرزَتْهُ ليَسْتَسْقي
كأنّ عليلَ النّرْجِسِ اهْتاجَ داؤهُ
وقدْ قعَلَتْ تبْكيهِ ساجِعةُ الوُرْقِ
وقد أشفَقَ الغيْمُ الظّليلُ لِما بهِ
فتَنفُثُ فيهِ سُحْبُه والصَّبا ترْقي
حلَلْتُ بِها والوَرْدُ هدْيٌ مقَرَّبٌ
فما كان إلا أنْ نحَرْتُ بها زِقّي
وسيّلْتُها حَمْراءَ والغيْمُ عاكِفٌ
فضاءَ لها جوّي وضاعَ بها أفْقي
وقد هرِمَتْ ممّا تطاوَلَ عُمْرُها
وممّا محَتْ أعْضاءَها حَمْيَةُ الزِّقِّ
وحيّيْتُ أكْواسي بها فكأنّها
جُسومٌ تُشِفُّ الرّوحَ في بَدْأةِ الخَلْقِ
تخالُ بِها الإبريقَ عندَ سُجودِهِ
إماماً يُطيلُ المَكْثَ في أحْرُفِ الحلْقِ
يُرَدِّدُها كيْ يكْسِبَ الطّبْعَ دُرْبَةً
بهِنّ ولكِنْ ليسَ يُفْصِحُ في النُّطْقِ
وعودٌ حنى أضْلاعَهُ فوقَ كاهِنٍ
يفوهُ بِما يوحِي البَنانُ وما يُلْقي
ويُعْرِبُ عمّا في الضّميرِ كأنّما
قصَدْنا سَطيحا أو حُبِسْنا الى شِقِّ
عكَفْنا علَيْهِ والبُروقُ كأنّها
مُطهّمةً شُقرٌ تبارَتْ الى السّبْقِ
وقد شابَ فَوْدُ اللّيلِ منْ روعةِ الضِّيا
وطارَتْ قلوبُ النّجْمِ من شِدّةِ الخَفْقِ
إذا ما اللّيالي أنْهَجَتْ بُرْدَة الصِّبا
وسدّتْ الى اللّذّاتِ سالِكَةَ الطُّرقِ
تَعَلّلْ بنَزْرِ منْ زَمانٍ مُساعدٍ
فما لكَ إنْ ولّى سَبيلٌ الى اللّحْقِ