ثنى الصعدة السمراء من لين قده

التفعيلة : البحر الطويل

ثَنى الصّعْدَةَ السّمْراءَ منْ لِينِ قَدِّهِ

وجَرّدَ منْ أجْفانِهِ سَيْفَ خَدِّهِ

وأقْبَلَ في جَيْشٍ منَ الحُسْنِ رائِعٍ

ترَى العَرَبَ العَرْباءَ منْ دونِ بَنْدِهِ

فمِن ثُعَلِ الزّوْراءِ لمحَةُ طَرْفِهِ

ومنْ مُضَرِ الحَمْراءِ صَفْحَةُ خدِّهِ

ولاحَتْ لهُ في حوْمَةِ القَلْبِ فتْكَةٌ

تعجَّلَ نصْرَ اللهِ فيها لوَعْدِهِ

فحكّمَ سيْفَ اللحْظِ في عسْكَرِ الهَوى

فكَمْ مُهْجةٍ مطْلولَةٍ فوقَ خدِّه

وكم منْ فُؤادٍ ضاعَ في مأزَق الهَوى

فَقيداً وقد أبْلَى بمَبْلَغِ جُهْدِهِ

وأشْكَلَ فيها موْتُهُ منْ حَياتِهِ

فعُمِّرَ في حُكْمِ الغَرامِ لفَقْدِهِ

بنَفْسي حِجازيُّ الجَمالِ إذا انْتَمى

تَطأْطَأَتِ العُلْيا لعِزّةِ مجْدِهِ

تبسَّمَ عنْ دُرٍّ منَ السِّمْطِ رائِقٍ

تأنّقَ صُنْعُ اللهِ في نَظْمِ عِقْدِهِ

ثَناياهُ قد أبْدَتْ مَعالِمَ بارِقٍ

وأنْفاسُهُ أبْدَتْ نَواسِمَ نجْدِهِ

وأعْطافُهُ تبْدو علَيْها إذا انْثَنى

شَمائِلُ منْ بانِ الحِجازِ ورَنْدِهِ

تفَجَّرَ منْ عيْنِ الجَمالِ بمَوْرِد

تَحومُ القُلوبُ الهِيمُ منْ دونِ وِرْدِهِ

يَلوحُ على أزْرارِهِ قَمَرُ الدُّجى

ويَمْرَحُ غُصْنُ البانِ في طيِّ بُرْدِهِ

ويحْتالُ أثْناءَ الذُّوابَةِ هازِئاً

كما اخْتالَ سيْفٌ في حَمائِلِ غِمْدِهِ

لَئِنْ قَلِقَتْ أعْطافُهُ في وِشاحِهِ

فكمْ أقْلَقَتْ قلْبَ المَشوقِ بوَجْدِهِ

وإنْ كَحَلَ السِّحْرُ المُبينُ جُفونَهُ

فكَمْ كحِلَتْ طَرْفُ المُعنّى بسُهْدِهِ

وقالوا عِذارٌ قلْتُ لا بَلْ صَحيفةٌ

عَقَدْتُ لهُ فيه وَثيقَةَ وُدِّهِ

وشَى صَفحَةَ الخدِّ الصّقيلِ فزانَها

كما زانَ صَفْحَ السّيْفِ وشْيُ فِرِنْدِهِ

فَيا لابِساً شَعْرَ الذُّؤابَةِ ناسِكاً

ليُخْبِرَ في وَصْلي بمَذْهَبِ زُهْدِهِ

ركِبْتُ طَريقَ الصّبْرِ وهْيَ مَفازَةٌ

ليَ اللهُ منْ غَوْلِ الطّريقِ وبُعْدِهِ

مَواقيتُ هَجْرٍ أرْبَعونَ قَضيْتُها

فَيا مَنْ لصَبْري منْ بُلوغِ أشُدِّهِ

إذا حَمَلَتْ طَلَّ الغَمامَةِ أدْمُعي

رَوى القلبُ منّي في الهَوى سِقْطُ زَنْدِهِ

سَقى اللهُ عهْدَ القُرْبِ أفْضَلَ ما سَقى

عُهودَ الهَوى العُذْريِّ منْ صَوْبِ عهْدِهِ

ويوْماً على رَغْمِ الوُشاةِ اخْتَلَسْتُهُ

جَهَرْتُ بشُكْرِ اللهِ فيهِ وحَمْدِهِ

تَناعَسَ جَفْنُ الدّهْرِ عنّيَ قاصِداً

ورُبّتَما نالَ امْرؤٌ فوْقَ قَصْدِهِ

وحَلّ عَميدُ البيْتِ بيْتيَ زائِراً

كما حلّ بدْرُ التِّمِّ في بَيْتِ سَعْدِهِ

فيا لَيْتَ قومِي يعْلَمونَ بأنّني

ظَفِرْتُ على يأسي بجَنّةِ خُلْدِهِ

فقبّلْتُ في لَيلِ الذّؤابَةِ وجْهَهُ

وعُذْتُ بذاكَ النّورِ منْ ليْلِ صَدِّهِ

وعاطَيْتُهُ حَمْراءَ في لونِ أدْمُعي

إذا سَكَبَتْ ذوْبَ العَقيقِ لبُعْدِهِ

وقلْتُ لِساقِيها وللأُنْسِ طاعَةٌ

تحَكَّمُ في هَزْلِ الحَديثِ وجدِّهِ

أدِرْها فَرَوْضُ الخَدِّ أخْضَلَهُ الحَيا

وحَفَّ طِرازُ الآسِ منْ حوْلِ وَرْدِهِ

فناوَلَها مَمْزوجَةً برُضابِهِ

ولوْ أنّني أنْصَفْتُ قُلْتُ بشُهْدِهِ

فلمّا بدَتْ للرّاحِ فيهِ ارْتياحَةٌ

ومالَتْ شَمالٌ للشَّمولِ بقَدِّهِ

توسّدَ أضغاثَ الرَّياحينِ وانْثَنى

يغِطُّ غَطيطَ الطِّفْلِ منْ فوْقِ مَهْدِهِ

فبايَعْتُ سُلْطانَ العَفافِ ولمْ أُجِزْ

على فِكْرَتي إلا الوَفاءَ بعَهْدِهِ

أبا الشّرف الأرْضَى تلطَّفْ بأنْفُس

غَزاها غَرامٌ أصْبَحَتْ نهْبَ جُنْدِهِ

ترفَّقْ وعَلِّلْها بأيْسَرِ نائِلٍ

يَحوطُ ذَماها كالسَّلامِ ورَدِّهِ

وإنْ أنْتَ لم تَفْعَلْ فما أنْتَ في الوَرى

بأوّلِ موْلَى جارَ في حُكْمِ عبْدِهِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

الصبر إلا في هواك حميد

المنشور التالي

ألحظك أم سيف عمرو أعيدا

اقرأ أيضاً

هتف الصبح بالدجى فاسقنيها

هَتَفَ الصُّبْحُ بِالدُّجَى فَاسْقِنِيْهَا قَهْوَةً تَتْرُكُ الحَلِيْمَ سَفِيْهَا لَسْتُ تَدْرِي لِرِقَّةٍ وَصَفَاءٍ هِيَ فِي كَأسِهَا أَمِ الكَأٍسُ فِيْهَا