هي في المساء وحيدةٌ،
وأَنا وحيدٌ مثلها…
بيني وبين شموعها في المطعم الشتويِّ
طاولتان فارغتان (لا شيءٌ يعكرُ صَمْتَنَا)
هي لا تراني، إذ أراها
حين تقطفُ وردةً من صدرها
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أرشف من نبيذي قُبْلَةً…
هي لا تُفَتِّتُ خبزها
وأنا كذلك لا أريقُ الماءَ
فوق الشَّرْشَف الورقيِّ
(لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا)
هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها
وحدي. لماذا لا تُوحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟
قلت في نفسي
لماذا لا أذوقُ نبيذَها؟
هي لا تراني، إذ أراها
حين ترفَعُ ساقَها عن ساقِها…
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أخلَعُ معطفي…
لا شيء يزعجها معي
لا شيء يزعجني، فنحن الآن
منسجمان في النسيان…
كان عشاؤنا، كل على حِدَةٍ، شهيّاً
كان صَوْتُ الليل أزْرقَ
لم أكن وحدي، ولا هي وحدها
كنا معاً نصغي إلى البلِّوْرِ
[لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا]
هي لا تقولُ:
الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا
ويُمْسِي فِكْرَةً.
وأنا كذلك لا أقول:
الحب أَمسى فكرةً
لكنه يبدو كذلك…