أَغارَ الغَيثَ كَفُّكَ حينَ جادا
فَأَفرَطَ في تَواتُرِهِ وَزادا
أَظُنُّ الغَيثَ يَحسُدُنا عَليهِ
فَيَمنَعُ مِن زِيارَتِكَ العِبادا
هَمى فَرَأَيتُ مِنهُ السُحَّ شُحّاً
سَحاباً ما عَهِدتُ بِهِ العِهادا
إِذا رُمنا لِحَضرَتِكَ اِزدِياداً
نُوَهَّمُ أَنَّنا رُمنا اِزدِيادا
أَعادَ الأَرضَ في صَفَرٍ رَبيعاً
وَكانَ رَبيعُنا فيها جُمادى
وَما بارَكَ في فَضلٍ بِهَطلٍ
وَلَكِن زادَنا فيكَ اِعتِقادا
وَكَيفَ يَرومُ أَن يَحكيكَ جوداً
بِفَرطِ الهَطلِ أَو يُدعى جَوادا
وَأَنتَ وَقَد أَفَدتَ ضَحوكُ ثَغرٍ
وَيَبدو بِالبُكاءِ وَما أَفادا
وَأَينَ الغَيثُ مِن إِنعامِ مَولىً
يُنَوَّلُ كُلَّ قَلبٍ ما أَرادا
أَغَرُّ تَراهُ أَعلى الناسِ نَقداً
إِذا مارُمتَ لِلناسِ اِنتِقادا
قَليلُ الغُمضِ في طَلَبِ المَعالي
وَمَن عَشِقَ العُلى هَجَرَ الوِسادا
إِذا عَصَفَت بِهِ النَكباءُ عاسٍ
وَإِن هَزَّتهُ ريحُ المَدحِ مادا
يُعيدُ الفَضلَ عَوداً بَعدَ بَدءٍ
وَيُنكِرُ فَهمَهُ اللَفظَ المُعادا
تُصَرَّفُ كَفُّهُ اليُمنى يَراعاً
بِهِ راعَ العِدى وَرَعى البِلادا
تَرى الأَسيافَ قَد مَطَرَت نَجيعاً
إِذا أَوداجُهُ قَطَرَت مِدادا
خَفيُّ الكَيدِ تَعرِفُهُ المَنايا
إِذا ما أَنكَرَ السَيفُ النَجادا
بِنَفثٍ عَلَّمَ النَفثَ الأَفاعي
وَجَري عَلَّمَ الجَريَ الجِيادا
يَكونُ لِساعِدِ العَلياءِ زِندا
وَنارُ الحَربِ إِن وُقِدَت زِنادا
يُرينا أَوجُهَ الآمالِ بيضاً
إِذا مَجَّت مَشافِرُهُ السَوادا
يَظِنُّ إِذا اِمتَطى خَمساً لِطافاً
لِعِدَّتِهِ اِرتَقى سَبعاً شِدادا
وَلَم أَرَ قَلبَهُ قَلَماً نَحيفاً
يَكونُ لِبَيتِ مَكرُمَةٍ عِمادا
شِهابَ الدينِ قَد أَطلَقتَ نُطقي
وَصَيَّرتَ المَكارِمَ لي صِفادا
أَقَمتَ لِصَنعَةِ الإِنشاءِ سوقاً
وَكانَت قَبلُ شاكِيَةً كَسادا
وَزِدتَ رَفيعَ مَنصِبِها سَداداً
وَكانَ سِواكَ مِن عَوزٍ سِدادا
بِفَضلٍ يُخجِلُ السُحُبَ الغَوادي
وَلَفظٍ يَفجُرُ الصُمَّ الجِلادا
رَفَعتُ إِلَيكَ يا مَولايَ شِعري
لِأَخطُبَ مِن مَكارِمِكَ الوِدادا
وَحَظّي مِن وِدادِكَ غَيرُ نَزرٍ
وَلَكِنّي أُؤَمِّلُ أَن أُزادا
وَأَسأَلُ مِنكَ أَن تَعفو وَتُعفي
مُحِبَّكَ مِن إِجابَتِهِ اِعتِقادا
فَيُعفيني قُبولُكَ عَن جَوابٍ
إِذا يُتلى نَقُصتُ بِهِ وَزادا
فَلا أَنفَكُّ أَشكُرُ مِنكَ فَضلاً
قَريبَ العَهدِ أَو أَشكو بُعادا