الرَعدُ مُنتَحِبٌ وَالبَرقُ مُلتَهِبٌ
وَالقَطرُ مُنسَكِبٌ وَالماءُ مُضطَّرِبُ
وَالرَوضُ مُبتَسِمٌ وَالزَهرُ مُنتَظِمٌ
وَالشَمسُ تُسفِرُ أَحياناً وَتَنتَقِبُ
وَالغَيمُ في الأُفُقِ مَمدودٌ سَرادِقُهُ
وَالطَيرُ يَصفِرُ وَالأَوتارُ تَصطَخِبُ
وَالجَوُّ هامَ كَصَبٍّ صَدَّ آلِفُهُ
فَدَمعَهُ واكِفٌ تَحتَثُّهُ الكُرَبُ
وَكُلُّ ناعورَةٍ في الرَوضِ قَد نَعَرَت
كَغادَةٍ هَزَّها مِن سُكرِها طَرَبُ
وَالوَردُ يَضحَكُ وَالمَنثورُ مُنتَشِرٌ
كَأَنَّهُ جَوهَرٌ في الأَرضِ يُنتَهَبُ
وَالياسَمينَ كَمِثلِ الدُرِّ تَنشُرُهُ
عَلى جَواهِرِ أَزهارِ الرُبى القُضُبُ
كَأَنَّما النَرجِسُ البَرزِيُّ حينَ بَدا
عَلى الغُصونِ لُجَينٌ حَشوُهُ ذَهَبُ
وَعِندَنا خَندَريسٌ في الدِنانِ لَها
مِن قَبلُ أَن تُعرَفَ الأَزمانُ وَالحِقَبُ
عَذراءُ لَم تَسمُ هِمّاتِ الخُطوبِ لَها
وَلا تَخَطَّت بِسوءٍ نَحوِها النُوَبُ
الماءُ مِن قَبلُ أَصلٌ في تَجَسُّمِها
وَالشَمسُ وَالظِلُّ وَالأَهواءُ وَالعِنَبُ
تَكادُ مِن لُطفِها تَخفى إِذا اِنسَكَبَت
عَنِ الَّذي هِيَ فيهِ حينَ تَنسَكِبُ
كَأَنَّها وَهيَ في كَأسِ المُديرِ لَها
روحٌ وَجِسمٌ فَذا نورٌ وَذا لَهَبُ
يُشَتِّتُ الهَمَّ وَالأَحزانَ مَنظَرُها
عَن كُلِّ صَبٍّ بَراهُ الهَمُّ وَالوَصَبُ
تَلوحُ إِن مَزَجَت كَالوَردِ باكِرُهُ
طَلٌّ إِذا طَلَّها في كَأسِها الحَبَبُ
وَعِندَنا مُسمِعٌ تَغنيكَ طَلعَتُهُ
عَن شَدوِهِ وَلَهُ في نَفسِهِ أَدَبُ
يَشدو فَيَنتَهِبُ الأَلبابَ مِن طَرَبٍ
وَلا يُداخِلُهُ زَهوٌ وَلا عَجَبُ
فَقُم إلى راحَةِ الأَرواحِ فَاِلهُ بِها
فَالعَيشُ مُنتَقِلٌ وَالدَهرُ مُنقَلِبُ
وَاِخلَع عِذارَكَ في اللَذاتِ ما غَفَلَت
عَنكَ الخُطوبُ وَطِب ما أَمكَنَ اللَعِبُ
وَاِستَغنِمِ الدَجنَ وِاِشرَب تَحتَ هَيبَتِهِ
ما دامَ رَفرَفُهُ في الأَرضِ يَنسَحِبُ