فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى
فكان فصيح الحي بالصمت أجدرا
وجاوزتَ مقدارَ المديحِ فكلَّما
أراد لساني ذكر وصفك قصَّرا
وطبْت ثناءً في المجامع ذائعاً
كما طبت أصلاً في النِّجار وعنصرا
تعيد الفجاج الغُبْر خضراً من الندى
وترجع ضوء الصُّبح بالبأس أغبرا
وتسفر حيث الخطب ليل معسعس
فتثنيه رأداً من صباحٍ مُشَهَّرا
تودُّ الرزان الشم حلم ابن خالدٍ
إذا القرم من حمل العظيمة جرجرا
إذا أجلبت ضوضاء خطبٍ بسمعه
رأيت شروْري والنسيم إذا جرى
سليم دواعي الصدر سهل رجوعه
أشدُّ هوىً بالعفو إذ كان أقْدرا
فتىً لا يُريد العزَّ إلا لنجدةٍ
ولا المالَ إلا للرَّغائب والقِرى
ومُعتكر النَّقعين جَمٍّ رماحُه
إذا حلَّ ظُهراً بالعراءِ تديْجَرا
شديدِ ازدحام الدَّارعينَ كأنهُ
غواربُ تيَّارٍ طَما فتحدَّرا
غدا مالئْ الألباب ذُعراً وهيبةً
وقلبَ الموامي ذُبَّلاً وسَنَوَّرا
وخاض نهاءَ القاع حتى حسبْتها
خَباراً قُطارياً ووعْثاً مُدَعْثَرا
وفرَّ له الوحش القصيُّ مخافةً
من الطَّرد حتى أخل الجنُّ عبقرا
كأنَّ ظُباهُ في متونِ عجاجةٍ
بوارق يقتدن السَّحاب الكَنَهْورا
فغادرتهُ أمَّا هزيماً مُنَفَّراً
قتيلَ الموامي أو عبيطاً مُسنَّرا