الحقبة العباسية

الدولة العباسية أو الخلافة العباسية (132 هـ – 922هـ / 750م – 1517م) أو دولة بني العبَّاس هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية. استطاع العباسيون أن يزيحوا بني أمية من دربهم ويستفردوا بالخلافة، وقد قضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبناءها حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، وكان من ضمنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم
شهد العصر العباسي تطورًا هامًا في بنية اللغة العربية. إن أغلب الباحثين يعيدون نشأة النحو العربي إلى أبو الأسود الدؤلي والذي كان أيضًا أول من وضع النقاط على الحروف في الأبحدية العربية، غير أن التطور الهام للغة إنما تمّ خلال المراحل اللاحقة للدؤلي، خصوصًا في العصر العباسي، حيث اشتهر فيه أبرز النحاة كعيسى بن العمر الثقفي وأبو عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وسيبويه الملقب “إمام العربية”، ويونس بن حبيب والكسائي مؤسس مدرسة الكوفة في النحو، والأصمعي والزمخشري وسواهم. وخلال هذا العصر، أعيد ترتيب الأبجدية بالشكل المتعارف عليه اليوم، بعد أن كانت مرتبة وفق الترتيب التقليدي للغات السامية. كما ظهر التشكيل بالشكل المتعارف عليه اليوم، وذلك على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي. سوى ذلك، فإن اختلاط العرب بالشعوب غير العربية والتفاعل الحضاري بين هذه الشعوب، أدى إلى دخول العديد من المصطلحات غير العربية إلى هذه اللغة ومنها كلمة بيمارستان الفارسية الأصل والتي تعني المستشفى، وكلمة “عمق” العربية المنحوتة من فعل “عمقو” في السريانية. بل إن ازدهار العلوم وتطور الآداب دفع إلى ظهور مصطلحات جديدة كالجوهر والحد والجبر والعنصر والترياق وسوها ما دفع البحتري للقول: «أراكم تتكلمون بكلامنا، في كلامنا، بما ليس في كلامنا». وهو ما دفع أيضًا إلى ظهور المعاجم والقواميس الخاصة باللغة العربية، مستندة إلى القرآن والشعر الجاهلي بشكل رئيسي، وكان الخليل بن أحمد أول من جمع قاموسًا سماه «العين»، على أن القواميس اللاحقة قد نالت شهرة أكبر ولا تزال مستعملة حتى اليوم، كلسان العرب لمؤلفه ابن منظور والقاموس المحيط للفيروز آبادي

يعتبر الشعر في العصر العباسي ثالث حلقات الشعر العربي القديم وأكملها. الحلقة الأولى كانت الشعر الجاهلي والثانية كانت صدر الإسلام والعهد الأموي، لتكون الحلقة الثالثة العصر العباسي، حيث بلغ الشعر مبلغًا عاليًا بدعم الخلفاء والأمراء وتحسن أحوال المعيشة. وتخرّج في هذا العصر أبلغ شعراء العربية وأفصحهم ومنهم لا تزال أشعاره تتداول حتى اليوم.
ولم يكن تطور الشعر في العصر العباسي تطورًا في مادته أيضًا بل في علومه أيضًا، إذ قد جمع الخليل بن أحمد الفراهيدي أوزان الشعر في خمسة عشر بحرًا ثم أضاف إليها الأخفش بحرًا واحدًا فظهر بذلك علم العروض بجهود العباسيين، وإن أبرز ما يميز الشعر العباسي تنوّع المواضيع التي طرحها، والتي شملت جميع أطياف المجتمع ومواضيعه، بل إن هذه المواضيع يمكن أن تشكل مرجعًا في دراسة الأحوال الاجتماعية والسياسية خلال مراحل الدولة العباسية المختلفة؛ فمن مدح الخلفاء خلال عهود القوة والذين قاموا بتقديم الدعم المالي للشعراء، إلى التذمر من ضنك العيش وفقر والحالواستشراء الفساد خلال عهود الضعف، كان الشعر دومًا أبرز الميادين التي تعكس حياة المجتمع، نظرًا لكونه العماد الرئيس للثقافة في الحقبة العباسية

كان الأدب أحد المجالات الثقافية البارزة في العصر العباسي، وقد تطورت العلوم الأدبية بشكل كبير فظهر فن السجع وفن المقامات، وهي قصص خيالية لبطل أوحد عادة ما تكون ذات مغازي أو تهدف للمطالبة بإصلاحات معينة؛ وكان أول من صاغها بديع الزمان الهمذاني، وقد غلب عليها التكلف الأدبي، وأحد أشكالها المقطع الآتي في وصف ظلم أحد القضاء للهمذاني: “وأقسم لو أنّ اليتيم وقع في أنياب الأسود، بل الحيّات السود، لكانت سلامته أحسن من سلامته إذا وقع في غيابات هذا القاضي وأقاربه”.كما انتشر فن الروايات والقصص ذات العبر ككتاب كليلة ودمنة لابن المقفع والذي مرر من خلاله نقدًا لاذعًا لولاة الأمر على ألسنة حوار جرى في مملكة الحيوان، رغم أن النصّ الأصلي قادم من الأدب الفارسي غير أنّ ابن المقفع قد زاد عليه ومن خلال ترجمته لعب دورًا بارزًا في المجتمع العباسي ومنه تحول إلى أدب عالمي. ولابن المقفع كتابات أخرى أدبية تعكس الحالة الثقافية السائدة كمؤلفه «الأدب الصغير». في حين نحا الجاحظ في مؤلفه البخلاء إلى سرد قصص قصيرة وفكاهية حول نوادر البخلاء، وقد نال كتابه نجاحًا عارمًا في أوساط المجتمع العباسي.


مؤلفون من الحقبة العباسية: