أدهق الدهر بالمنية كاسه

التفعيلة : البحر الخفيف

أدهق الدهر بالمنيّة كاسه

من قديم وطاف يسقي أناسه

كيف يرجى طول البقاء لحّيٍ

جعل الله عمره أنفاسه

تعست هذه الحياة وإن كا

نت لعمري خلابةً حسّاسه

قصّرتها يد الحوادث لكن

قد اطالت بها على الحيّ باسه

غير أن السعيد من بان عنها

وهو مستثمر بها أغراسه

والذي عاش مؤنساً وحشة النا

س ممدّاً بفضله إيناسه

مثل ذاك الشيخ الذي مذ فقدنا

ه فقدنا به النهى والكياسه

نعي الخالصي فارتجّت الأن

فس حزناً مضرّجاً بحماسه

هو ذاك المهديّ أحرز سبقاً

حين أجرى إلى الهدى أفراسه

هو ذاك الحبر الذي كان للشر

ع مقيماً دليله وقياسه

كان في الدين آية الله أفنى ال

عمر فيه رعايةً وحراسه

أفق العلم قد بد مكفهرّاً

عندما أطفا الردى نبراسه

إن بكاه الدين الحنيفي شجواً

فلأن كان ركنه وأساسه

كان ردءاً للحق مرتدي التق

وى فكانت طول الحياة لباسه

ولقد كان في العلوم إماماً

حيث فيها انتهت إليه الرياسه

أنا أبكي عليه من جهة العل

م واغضي عن خوضه في السياسه

لا لأني أراه فيها ملوماً

بل لأني أعيب فعل الساسة

ليس في هذه الهنات السياس

يات إلا ما ينجلي عن خساسه

قد أبت هذه السياسة إلاّ

أن تكون الغشّاشة الدسّاسه

وأبت أن تصافح الناس إلا

بيدٍ من خديعة فراسه

كلّما مسّت الأمور بكفٍ

لوّثتها بما بها من نجاسه

إن في هذه السياسة سهماً

جعل الله باطلاً قرطاسه

ما تعاطى غير الخداع غلاد س

تون فيها كلا ولا دلكْاسه

إن أحسّت بقوةٍ من خصيم

كانت الظبي لم يزايل كناسه

وهي إن آنست من الخصم ضعفاً

كانت الليث مبرزاً أضراسه

لو أردنا إفاضة في هجاها

لكتبنا لكم به كرّاسه

فلهذا أجلّ عنها رجالا

شغلتهم علومهم بالدراسه

رحم الله شيخنا إنه كا

ن بعيداً عمّا تريد السياسه

ليت تلك العلوم قد شغلته

عن أمور لا تشتري بنحاسه

أنتجت بعده فأوحش أرضاً

في العراقين عوّدت إيناسه

فقضى بعد نأيه عن إناس

طلبوا علمه وراموا اقتباسه

أيها القوم إن هذا لرأيي

في فقيدٍ لم تشهدوا إرماسه

فإذا كنت قد أصبت وإلا

فانبذوا ما أقوله في الكناسه

لست بالشاعر الذي يرسل اللف

ظ جزافاً لكي يصيب جناسه

أنا لا أبتغي من اللفظ إلاّ

ما جرى في سهولةٍ وسلاسه

إنما غايتي من الشعر معنىً

واضح يأمن اللبيب التباسه


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لمن تركت فنون العلم والأدب

المنشور التالي

هي دنيا بقاؤها مستحيل

اقرأ أيضاً