ما لها تشرقُ حمرا أتراها
مُقْلةً وَسنى أفاقتْ من كراها
فَتَحَ المشرقُ عنها جفنَ مَنْ
بلغتْ منه الحميّا منتهاها
أمْ تراها شعلةً والسحبُ مِنْ
فوقها مثل دخانٍ قَدْ علاها
عُصرفتْ دارتُها فانقدتْ
كشواظِ النارِ يستشري لظاها
وَنَضَتْ أثوابها الحمرَ عَلى
جنباتِ الأُفقِ واستبقتْ حلاها
فبدتْ عاريةً حاليةً
فإذا وضاءَةٌ يعشي سناها
ثبّتِ اللهم إيماني فقدْ
ظنَّها يوماً أبو الرسل إِلها
أنتَ عظَّمتَ الضحى والشمسَ إذْ
قلتَ (والشمس) يميناً (وضحاها)
نظرةً للشرقِ رَأدِ الضحى
تَلْفَ من رونِقِهِ مالا يضاهى
صوراً أَبدعَ مَن صوَّرها
ماله أثبتها ثم محاها
زينةٌ في الأُفق من بهجتها
وَصلتْ ما بين أرض وَسماها
مَسَحَ النورُ دموع الليلِ عَنْ
وجنْةِ الأزهارِ إذْ قبَّلَ فاها
لجَّ في تقبيلها مستهتراً
فيه فاحمرّتْ خدوداً وشفاها
كلُّ غصنِ مرسلٌ من ظلِّه
ذَيْلَ مختالٍ عَلَى الأقران تاها
هي مرآةٌ عَلَى صفحتها
نورُ وَجهِ الله مذْلاح جلاها
وَلها في كل يوم رحلةٌ
بين شرقِ الأرضِ والغربِ مداها
لا تراها في مكانٍ واحدٍ
وَمحالٌ أن ترى العينُ خطاها
وإذا ما اعترضَ الغيمُ لها
نفذتْ داميةً منه ظباها
لم تزلْ وَهي التي شاهدها
آدم، في عنفوانٍ من صباها
كلُّ شيءٍ باسمٌ إنْ سَفَرَتْ
فإذا ما احتجبتْ خلف غطاها
عَبَسَ الجوُّ اكتئاباً وَأَسى
وَبدمعِ المزنِ من وَجدٍ بكاها
حليةٌ تزهو السمواتُ العلى
بسناها فإذا الغربُ طواها
بَثَّتِ النجمَ عيوناً خَلْفَها
يتطلّعنَ إلى أينَ سراها
لَيْتَ شعري وَهي تُجلى للورى
كل يوم بحلاها وَضياها
هل ترى من قال فيها مثل ما
قلته من سائراتٍ أو رواها؟