أمَا وخَيالٍ في المَنامِ يزورُ
وإنْ كان عنْدي أنّ ذلكَ زُورُ
لقدْ ضِقْتُ ذرْعاً بالنّوى بعْدَ بُعْدِكُمْ
على أنّني للنّائِباتِ صَبورُ
أدافِعُ منْ شوْقي ووجْدي كَتائِباً
يُزلْزَلُ رضْوَى عنْدَها وثَبيرُ
سَراباً إذا ما اللّيلُ مدَّ رِواقَهُ
على ساحةِ الصّبْرِ الجَميلِ تُغيرُ
بَرى جسَدي فيكُمْ غَرامٌ ولوْعَةٌ
إذا سكَنَ الليْلُ البَهيمُ تَثورُ
فلوْلا أنيني ما اهْتَدى نحْوَ مضْجَعي
خَيالُكُمُ باللّيلِ حينَ تَزورُ
ولوْ شِئْتُ في طيِّ الكِتابِ لزُرْتُكُمْ
ولمْ تدْرِ عنّي أحْرُفٌ وسُطورُ
تذكّرْتُ عهْداً طالَ بعْدَ انْصِرامِهِ
عليْهِ الأسى وانجابَ وهْوَ قصيرُ
وقد طلَعَتْ للرّاحِ في ظُلُماتِهِ
نُجومٌ تُوالي حثّهُنّ بُدورُ
وهبّ نسيمُ الوصْلِ في روضَةِ الرِّضا
بَليلاً وأكْواسُ السّرورِ تَدورُ
وعهْداً بعيْنِ الدّمْعِ للدّمْعِ بعْدَهُ
مَوارِدُ في آماقِنا وبُحورُ
عُهودُ مُنىً غصَّ الزّمانُ بحُسْنها
فغارَ عليْها والزّمانُ غَيورُ
فَها أنا أسْتَقْري الرّياحَ إذا سرَتْ
ليُخْبِرَني بالظّاعِنينَ خَبيرُ
وإنْ خطّ وجْدي منْ دُموعي رِسالَةً
على صفْحِ خدّي فالنّسيمُ سَفيرُ
فَيا رحلةَ الصّيْفِ التي بجوانِحي
لَها لهَبٌ لا ينْقَضي وسَعيرُ
أحوِّلُ منْكِ الشّهْرَ حوْلاً على الوَرى
وأصْبَحَتِ الأيّامُ وهْيَ شُهورُ
ويا قلْبُ لا تطْرَحْ سِلاحَكَ رهْبَةً
فهَلْ هيَ إلا أنّةٌ وزَفيرُ
جَنَيْتُ النّوى لا عنْ مَلالٍ ولا قِلىً
فمِثْلي بمَوْصولِ المَلامِ جَديرُ
وجرّدْتُ عنّي لِبسَة الوصْلِ طائِعاً
وكمْ شَرِقِ بالماءِ وهوَ نَميرُ
أأحْمَدُ إنْ جلَّ الذي بي مِن الجَوى
وأصبَحْتُ ما لي في هَواكَ نصيرُ
فلَسْتُ منَ اللّطْفِ الخَفيّ بيائِسٍ
فكمْ منْ بُكاءٍ كانَ عنْهُ سُرورُ
أتاني كتابٌ منْكَ لا بلْ حديقَةٌ
تفيّأتُها والهَجْرُ منْكَ هَجيرُ
وأرْسَلْتُ دمْعَ العينِ حينَ قرأتُها
فمِنْها أمامي روْضَةٌ وغَديرُ
تكلّفْتُ فيكَ الصّبْرَ والصّبْرُ مُعْوزٌ
وهوّنْتُ فيكَ الخَطْبَ وهْوَ عسيرُ
ولُذْتُ الى الآمالِ وهْيَ سَفاهَةٌ
ومِلْتُ الى الأطْماعِ وهْيَ غُرورُ
سألْقي الى أيْدي الزّمانِ مَقادَتي
فيَعْدِلُ في أحْكامِهِ ويَجورُ
وإنّ الذي بالبُعْدِ أجْرى قضاءَهُ
على جمْعِ شمْلي كيفَ شاءَ قَديرُ
فتُدْرَكُ آمالٌ وتُقْضى مآرِبٌ
لديّ وتُشْفى باللّقاءِ صُدورُ