أَلبعوضةُ ، ولا أَعرف اسم مُذَكَّرها ، أشَدُّ
فَتْكاً من النميمة. لا تكتفي بمصّ الدم ، بل
تزجّ بك في معركة عَبَثيّة. ولا تزور إلاّ في
الظلام كَحُمَّى المتنبي . تَطِنُّ وَتَزُنُّ كطائرةٍ
حربية لا تسمعها إلاّ بعد إصابة الهدف.
دَمُكَ هو الهدف. تُشْعل الضوء لتراها
فتختفي في رُكْنٍ ما من الغرفة والوساوس، ثم
تقف على الحائط … آمنةً مسالمةً كالمستسلمة.
تحاول أن تقتلها بفردة حذائك ، فتراوغك
وتفلت وتعاود الظهور الشامت. تشتمها
بصوت عال فلا تكترث. تفاوضها على هدنة
بصوت وُدِّي : نامي لأنام ! تظنُّ أَنك
أَقْنَعْتَها فتطفئ النور وتنام . لكنها وقد
امتصت المزيد من دمك تعاود الطنين إنذاراً
بغارة جديدة . وتدفعك إلي معركة جانبيّة
مع الأَرَق . تشعل الضوء ثانية وتقاومهما،
هي والأرق بالقراءة. لكن البعوضة تحطُّ
على الصفحة التي تقرؤها ، فتفرح قائلاً في
سرّك : لقد وَقَعَتْ في الفخّ . وتطوي
الكتاب عليها بقُوَّة : قَتَلْتُها… قتلتُها ! وحين
تفتح الكتاب لتزهو بانتصارك ، لا تجد
البعوضة ولا الكلمات. كتابك أَبيض !. البعوضة ،
ولا أعرف اسم مُذَكَّرها ، ليست استعارة ولا
كنايةً ولا تورية. إنها حشرة تحبُّ دمك
وتَشُمُّه عن بُعْد عشرين ميلاً . ولا سبيل
لك لمساومتها على هدنة غير وسيلة واحدة :
أن تغيِّر فصيلةَ دمك !
اقرأ أيضاً
أعمل فيهم ذكرا حساما
أُعمِلُ فيهم ذكراً حُساما عضْب الغِراريْن يقُدُّ الهاما كأنَّ في صفحته غماما وبي يُسمَّى ذَكَراً حساما
ومن لؤلؤ في الاقحوان منظم
وَمن لُؤلؤٍ في الاِقحُوانِ منظَّمٍ عَلى نُكَتٍ مُصفَرَّةٍ كَالفَرائِدِ يذكِّرنا ريّا الأَحِبَّة كُلَّما تَنَفَّس في جُنحٍ من اللَيلِ…
أمالك مهجتي كم ذا توالي
أَمالِك مُهجَتي كَم ذا تُوالي عَوارِفَ قَد أَتينَ عَلى التَوالي بَقِيتُ أَغُضُّ مِن طَرفي حَياءً لَما اسدَيتَ مِن…
ولو بقدرك أهدي
ولو بِقَدرِكَ أُهدِي َمَا وَجدتُ هَدِيّه فَاقبَل بِفَضلِكَ نَزراً قَبولُهُ كَالعَطِيّه
تشكى الفضل من سقم عراه
تَشَكّى الفَضلُ من سَقمٍ عراهُ فَأَنَّ الفَضلُ أَجمَعُ من أَنينِه وَعادَ بِعَقوتي يَشكو جواهُ كَما يَحنو القَرينُ عَلى…
أزعجهم عمداً بها إزعاجاً
أُزعِجُهُم عَمداً بِها إِزعاجاً أَطعَنُ طَعناً صائِباً ثَجّاجاً أَرجو بِهِ مَن جَنَّةٍ أَفواجاً
لم يبق في العالمين من ذهب
لَم يَبقَ في العالَمينَ مِن ذَهَبٍ وَإِنَّما جُلَّ مَن تَرى شَبَهُ دَعهُم فَكَم قُطِّعَت رِقابُهُمُ جَدَعاً وَلَم يَشعُروا…
بدأن بنا وابن الليالي كأنه
بَدَأن بِنا وَاِبنِ اللَيالي كَأَنَّهُ حُسام جَلَت عَنهُ العُيون صَقيل فَما زِلت افني كل يَوم شَبابه إِلى أَن…