يمشى على الشارع ذاته , في الموعد ذاته ,
مكتفياً بما يمنحه المساء من تذوّق متهّل
لطعم الهواء . يأسف كلما لاحظ النقصان
المتزايد في الأشجار الزيتون , حيث تزداد
البنايات ارتفاعاً كآلامنا وتُقَلِّص كمية الفضاء .
لكن الفتيات الصغيرات يكثرن ويكبرن وينضجن
دون أن يخشين الزمن المتربِّص بهن عند
نهاية الشارع النازل إلى الوادي , ينظر
إليهن بلا اشتهاء . وينظرون إليه بفضول ,
ويقلن له : مساء الخير يا عم ! يُحِبُّهنَّ
بلا غصَّةٍ سفرجليَّة , ويحتفي بجمال نضارتهنَّ
وبنضارة آمالهنّ , كما يحتفي بموسيقى, وبلوحة
مائية , وبطائر أزرق الذيل . هُنَّ يستعجلن
الزمن ليصبغن أظافرهن بالأحمر المتحرّش
بثيران خفيّة , ولينتعلن الكعب العالي لكسر
ثمار الجور وإيقاظ النائم . وهو يستمهل
الزمن ليطيل متعة المرور بينهن جاراً لجمال
مستقلّ . ولا بأس في أن يتذكر أنه
عندما كان أَصغر كان يغبط نفسه كلما
مشى برفقة مُهْرَةٍ على طرق أخرى((هل
كُلُّ هذا الكليّ لي؟)) ثم يواصل المشي
على الشارع وحيداً. يَعُدُّ على أصابع يديه
ما تبقَّى من أشجار الزيتون , ويفرج بغزلان
تتقافز حوله بحياد متبادل . لا يغبط
نفسه على شيء! .. ولا يحسد غيره !
اقرأ أيضاً
هنّ
أيطيبُ لي مِن بعدِهِنَّ العيشُ لو أبعَدتَهنَّ؟ بل كيفَ تعتمِرُ القلوبُ بنَبضِِها من غيرِهنَّ؟ ولئنْ يكنَّ السّمُّ في…
ألستم عائجين بنا لعنا
أَلَستُم عائِجينَ بِنا لَعَنّا نَرى العَرَصاتِ أَو أَثَرَ الخِيامِ فَقالوا إِن فَعَلتَ فَأَغنِ عَنّا دُموعاً غَيرَ راقِيَةِ السِجامِ…
جنى النسيم علي
جَنى النّسيمُ عليّ وما تبيّنتُ غدْرَهْ إذْ صيّرَ الخَلْقَ نجْداً والأرضَ أبْناءَ عُذْرَهْ
بنفسي أخ قد برني بشكاته
بِنَفسي أَخٌ قَد بَرّني بِشكاتِهِ وَلَم يَجعَلِ الحمى حمى دونَ مالِه فَطابَ ثَناءً بَينَ أَثناءِ سُقمِهِ كَطيبِ نَسيمِ…
ورأيت أجسام العداة
وَرَأَيتُ أَجسامَ العُدا ةِ كَما رَأَيتُ بِغَيرِ هامِ وَدَمارَها لِدِمائِهِم وَسَقامَها مِلءَ العِظامِ وَمُحَسَّرٍ لِمُكَسَّرٍ أَعزِز عَلَيهِ يَدُ…
أتيناك نوكى مرملين فواسنا
أَتَيناكَ نوكى مُرمِلينَ فَواسِنا عَنِ اِسلام صَحبِيٍّ عَلى يَدِ تابِعي وَسَبقِ أَبٍ ميلادُهُ مَولِدَ اِبنِهِ بِخَمس وَسِتّ ما…
لولا دفاعُك يوم العقر ضاحيةً
لَولا دِفاعُكَ يَومَ العَقرِ ضاحِيَةً عَنِ العِراقِ وَنارُ الحَربِ تَلتَهِبُ لَولا دِفاعُكَ عَنهُم عارِضاً لِجِباً لَأَصبَحوا عَن جَديدِ…
عرج على حوض به طاف الصفا
عرج على حوضٍ به طاف الصفا يهدي المسرة والهناءَ لمن يرى حفت به الأشجار وهي نواضرٌ وتلفعت للحسن…