من لصب صبا المعاهد أشجاه

التفعيلة : البحر الخفيف

من لِصَبٍّ صَبا المَعاهد أَشجاه

فَأَحالَت يَد النَوى مِنهُ حالا

هاج وَجداً بِهِ تذكر مَغناه

عِندَما هَبَّت النَسيم شمالا

يا نَسيماً رَوى لَنا عطر رَيّاه

خَبَراً عَن طُلوله فَأَطالا

مَلعَب الغيد لِلنُفوس بِذكراه

شَجنٌ صالَ في القُلوب وَجالا

وَحمام الحِمى تَغنّى فَللّه

كَم شَجا مُغرَماً وَدَمعاً أَسالا

بِأَبي كُلّ أَحوَر الطَرف عَيناه

أودعت مُهجة المُحبّ نِصالا

بابليُّ اللحاظ تَنفث جِفناه

بِفؤاد الكَليم سِحراً حَلالا

باتَ بَدر البها وَقَلبي يَرعاه

وَعُيوني بِالأُفق تَرعى مِثالا

شفَّ جِسمي ضَنىً فَخلت بِمرآه

فَوق مرآة خدِّهِ القَلب خالا

لَيتَ ما بِالمُحبّ كانَ بِأَعداه

فَلَقَد أَوسعت بِعَذلي مجالا

وَلعمري ما كُلُّ ما يَتَمنّاه

مُستَهامٌ يُقضى لَهُ أَن ينالا

يا رعى اللَه عَهدَ أُنسٍ دَعوناه

لِتَقاضي الهَنا فَلَبّى اِمتِثالا

كَم خَلَونا بِبَدرِ تمٍّ جَلوناه

وَلَقد تَمّم الجَميل وِصالا

راحَ يَسعى بِكَأس راح حُميّاه

وَمحيّاه قَد كَساه جَمالا

فَحَكَت لِلعُيون بِهجَة مَجلاه

قَمَراً أودعَ الشُموس هِلالا

وَرَوى البَرق لي حَديث ثَناياه

وَحَكى الغَيث مَدمَعي الهطّالا

غُصن بانٍ أَم قَدّ مَن أَنا أَهواه

رَنّحته يَدُ النَسيم فَمالا

وَغَزالٌ قَد تاهَ وَالقَلب مأواه

أَترى تيهاً اِنثَنى أَم دَلالا

لَيتَ شعري مَن ذا بِصَدّيَ أَفتاه

أَفظلماً سَطا عَليَّ وصالا

أَم عَذولي بِتَرك ودّيَ أَغراه

أَرسل اللَهُ لِلعَذول نكالا

مَلَّ سَمعي مِن الملام وَأَعياه

لُؤم لَوم الوشاة قيلاً وَقالا

عاتِبي في معذّبي حَسبه اللَه

كَم يَزيد اِشتِعال لبّي اِشتعالا

ولَمى فيهِ لَو يَذوق لَما فاه

بِملامٍ وَلا شَكَوتُ ملالا

يا نَديم اِغتنم مِن العَيش أَهناه

ثُمّ رِد منهل السُرور زلالا

وَاِنتهز فُرصة الزَمان فَأَحلاه

يَوم أُنسٍ صَفا فَطابَ فَطالا

صاحِ مَن هَمُّهُ تَكاثرُ دُنياه

زادَهُ همُّها أَذىً وَخَبالا

فَاِقتصد وَاِعتَمد عَلى كَرَم اللَه

وَاِقتَصر في الوَرى عَلَيهِ اِتِّكالا

وَاِجعَل الصَبر لِلفُؤاد مناجاه

فَاللَيالي مِن الزَمان حبالى

لِمَتى تعتب الزَمان وَتلحاه

وَإِلى كَم تَذمُّ مِنهُ فِعالا

وَلَقَد نِلتَ في حِمى العزِّ وَالجاه

مِن رِحاب الأَمين عَيشاً خضالا

الأَمير الَّذي نَما فرع جَدواه

وَعَلى الخافِقين مَدَّ ظِلالا

قيل بَحر فَقُلت لُبنان مَعناه

عَجَباً لِلبِحار تَعلو الجِبالا

عَمَّ إِحسانه الأَنام وَحُسناه

لا عدمنا مِن راحتيه نَوالا

أَترى حين ماتَ آدمُ أَوصاه

بِبَنيهِ فَظَلَّ يُنفق مالا

كَرم قَد طَمت بِحار عَطاياه

وَلَقَد أَرسَلَت سَحاباً ثِقالا

وَسَخاءٌ لَو مَعن أَدرَك مَعناه

لاِستماحت يَداه مِنهُ سِجالا

شيم طيب نَشرها لَو ترواه

نَشر طيب الصِبا لَصَحَّ اِعتِلالا

شيم في الأَنام شَرّفها اللَه

فَتَسامَت عُلىً وَطابَت خِصالا

وَنُهىً عَن سِوى المَحامد تَنهاه

هَكَذا هَكَذا وَإِلّا فَلا لا

فَهوَ بَدرُ العُلى بِدارةِ عَلياه

زادَهُ اللَه رِفعَةً وَكَمالا

أَسد تَخضع الأُسود وَتَخشاه

هَيبَةً وَالزَمان يَعنو اِحتِفالا

حَرَمٌ فازَ مَن لَهُ كانَ مَسعاه

وَبنادي نَداه حَطَّ الرِحالا

مَن عَلى بابِهِ أَناخ مَطاياه

نالَ فَوقَ الَّذي يُؤمّلُ مالا

شَرَفٌ تَحسد النَجوم سَجاياه

فَعَلى مَن سِواه عزَّ مَنالا

لَو أَرَدنا نعدُّ حُسن مَزاياه

كان تَصويرنا المحال محالا

أَو أَقَمنا الزَمان نَشكُر نعماه

أَنفدَ الشُكرَ أَنعُمٌ تَتَوالى

أَو رَأَينا الثَناء يجزي مكافاه

لَم نملّك سِواه مِنهُ عِقالا

لَيسَ إِلّا الدُعاء عِندي مُوالاه

لِعُلاه تَضَرُّعاً وَاِبتِهالا

يعجب المعجون ساعَةَ أَلقاه

بِمَديح سَما بِهِ فَاِستَطالا

أَعجيب إِذا الكَريم مَدحناه

وَنَظمنا لَهُ النُجوم اِرتِجالا

كُلّ بَيت لَدَيهِ أعرب مَبناه

أُدَباءٌ عَلَيهِ كانَت عِيالا

أَيُّها المُنتمي الَّذي قَد نَحوناه

فَأَرانا مُستقبل البشر حالا

أَنتَ تاج العُلى وَكِسرى بن داراه

ما غَلَونا في ذا المَقام مَقالا

بَل هُو اِسم وَأَنتَ عَين مسمّاه

وَالمُسمّى عَين اِسمه لا محالا

إِن يَكُن جَوهراً فَأَنتَ هيولاه

أَو سِوى ذاك كُنت أَنتَ جمالا

فَهوَ لَفظ شَريفُ ذاتك مَعناه

ما عَساه بِغَيرِها أَن يُقالا

خَصَّك اللَه بِالَّذي أَنتَ تَرضاه

فَلَهُ الحَمد وَالثَناءُ تَعالى


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما ترى البدر حين حاز كماله

المنشور التالي

قضى تذكار أبكار الليالي

اقرأ أيضاً