مقام عراق/ المحرم

التفعيلة : نثر

قال الراوي

بدأ القصف على بغداد

لسبعَ عشرة ليلة خلت من المحرم

عام أربعة وعشرين وأربعمائة وألف

رأيتُ المحرَّمَ يمشي وحيداً

ينادي ألا لا إلهَ سِواكْ

ثقيلاً كأنَّ السماءَ حديدٌ

خفيفاً كأنَّ البلادَ شِرَاكْ

يُرِيدُ الرَّحِيلَ لكلِّ الجِهاتِ كَأَنْ لا نجاةَ لَهُ

أو هَلاكْ

عَلَى ظَهْرِهِ كُلُّ مِيراثِه

يجوبُ البِلادَ جَوابَ الملاكْ

يَقُولُ السلامُ عَلَيكُم هُنَا

وَيَقُولُ السلامُ عَلَيْكُم هُنَاكْ

دَعُوني أنا الشَّهْرُ الحرامُ المحرَّمُ

دعوني دعوني لا عَفَا اللهُ عَنْكُمُ

أنا أَلَمٌ طِفْلٌ أَدَمْتُمْ طُفُولَتي

وَلا أَلَمٌ إلا يَشِيخُ وَيَهْرَمُ

خُذُوا حُرْمَتي عَنِّي فَإِنَّي سَئِمْتُها

تَشِي بِيَ مِنْ دُونِ الشُّهورِ وَتُعْلِمُ

تُخَبِّرُكُمْ أَنِّي ضَعِيفٌ بِحُبِّكُمْ

فَيُؤْلِمُني ما لَيْسَ للشَّهْرِ يُؤْلِمُ

أَرَاكُم وباقي أشْهُرِ العامِ لا تَرَى

كَذَلكَ أرزاقُ الشُّهورِ تُقَسَّمُ

فَلَوْ لم أكنْ شَهْراً حَراماً

مَرَرْتُ في مَصَارِعِكُمْ مَرَّ الصَّبا أَتَرَنَّمُ

ولم أَمْشِ كالمجنونِ كُلَّ عَشِيَّةٍ

عَلَى كُلِّ شِبْرٍ في الفَلاةِ أُسَلَّمُ

أُكَلِّمُ مَوْتَى في البلادِ كأنَّهُم

هُمُ الأرضُ إلا أنها ليسَ تَفْهَمُ

فَلَوْ فَهِمَتْ كَفَّتْ رَحَى دَوَرَانِها

حِدَاداً على أهلِ العراقَيْنِ مِنْهُمُ

أَيَدْرِي كَثِيبُ الرَّمْلِ

إنْ كانَ أَصْلَه

صبيٌ أريبٌ أم فَقيهٌ مُعَمَّمُ

أَتَدْرِي عُرُوقُ النَّخْلِ

أيُّ كَرِيمةٍ مِنَ الناسِ تُسْقَى حِينَ تُسْقَى وتُطْعَمُ

سَلامٌ عَلَيْكُمْ يا بَنِيَّ وَإِخْوَتي

بِمَا هَدَّني قَوْلي السَّلامُ عَلَيْكُمُ

فَقَالَتْ لَهُ الكُثْبَانُ وَهْيَ بَلِيغَةٌ

تَحَمَّلْ

تَحَمَّلْ أيُّها الشَّهْرُ الحرامُ

رَعَتْكَ عُيونُ رَبٍّ لا يَنَامُ

فَإِنْ تَصْبِرْ فَقَدْ صَبَرَ الكِرامُ

وَإِنْ تَكْفُرْ فَمِثْلُكَ لا يُلامُ

تَحَمَّلْ أيُّها الشَّهْرُ الحرامُ

تَحَمَّلْ أَيُّها الشَّيْخُ الجليلُ

تَحَمَّلْ أَيُّها الطَّلَلُ المحيلُ

تَحَمَّلْ أَيُّها الوَلَدُ الجميلُ

ولا تَعْتِبْ عَلَيْهِم أَنْ يَمِيلُوا

فَمُنْذُ مَتَى رَأَيْتَهُمُ اْسْتَقَامُوا

ولا تَزْمُمْ جِمَالَكَ لارْتِحَالِ بِنَا رِفْقَاً

وَرِفْقَاً بِالجِمَالِ

فَكُلُّ البِيدِ

مِنْ نَفْسِ الرِّمَالِ أَيَا طَيْراً تَنَقَّلَ في الأَعَالي

تَسَاوَى في الأَسَى يَمَنٌ وَشَامُ

أَتَطْلُبُ تَحْتَ صَوْمَعَةٍ مَلاذَا

هُرُوبَاً مِنْ مُصَابِكَ وَاْنْتِبَاذَا

فَلا وَاللهِ لا يُجْدِيكَ هَذَا

سَتُبْكِيكَ السَّمَاءُ بَكَتْ رَذَاذَا

وَيَقْتُلُكَ النَّخِيلُ أَوِ الحَمَامُ

وَتَتْبَعُكَ الرِّياحُ بِكُلِّ وَادِي

عَلَى أَسْمَاءِ مَنْ قُتِلُوا تُنَادِي

وَيَتْبَعُكَ الحَوَاضِرُ والبَوَادِي

فَرِفْقَاً يا مُحَرَّمُ بِالعِبَادِ

أَقِمْ مَعَنَا وَإِنْ صَعُبَ المُقَامُ

أَقِمْ مَعَنَا عَسَانا نَسْتَطِيعُ

حِفَاظاً لِلْقَلِيلِ فَلا يَضِيعُ

عَسَاهُ يَسْمَعُ اللهُ السَّمِيعُ

فَنَنْجُو حِينَ يَأْتِينا الرَّبِيعُ

وَمَرَّ عَلَى الغُزاةِ هُنَاكَ عامُ

فَإِنْ وَخَزَتْكَ لَيلَةُ سَبْعَ عَشْرَةْ

وَعَادَتْ مَرَّةً مِنْ بَعْدِ مَرَّةْ

فَلا تَلْجَأْ لِصَوْمَعَةٍ بِقَفْرَةْ

فَكُلُّ الأَرْضِ بَغْدَادٌ وَبَصْرَةْ

وَكُلُّ نَدىً عَلَى زَهْرٍ إِمَامُ

أَقِمْ مَعَنَا وَخُذْ هَذَا الحسامَا

وَخُذْ ثَأْرَ الَّذِينَ قَضَوْا نِيامَا

أَقِمْ وَاْقْرَأْ عَلَى القَوْمِ السَّلامَا

أَلا للهِ يا شَهْراً حَرَامَا

أُحِلَّ لَهُ القِتَالُ وَالاِنْتِقَامُ

وَنَعْرِفُ أَنَّنَا شَرُّ المَوالي

وَلَكِنَّ الظَّلامَ أَبُو الهِلالِ

وَمَا فَضْلُ السَّلامِ عَلَى القِتالِ

إذا ضَاعَتْ كَرَامَاتُ الرِّجَالِ

عَلَيْكَ صَلاةُ رَبِّكَ وَالسَّلامُ

اخْتفَى المحرَّم في ليلته السابعةَ عَشْرَةْ

وَوَزَّعَتْ قُوَّاتُ الاحتلالِ مناشيرَ

فيها صُوَرٌ مُفترضةٌ لَه

في زِيِّ شَيخٍ عربي

طالبٍ جامِعي أو امرأةٍ مُلثَّمة

فإن رَأَيتمُوه يَسْتَعرِضُ الناسَ

في الشارعِ أوْ في السجْن

في قُبِّةٍ تحتَ الحِصَار

أو على شاشاتِ القنواتِ الفَضَائيَّة

فقبِّلوا يَدَيْهِ وَقَدَمِيهْ

وَمَا بَيْنَ عَيْنَيْهْ

وَسَلِّمُوا عَلَيْهْ

سلاماً كثيراً


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

الحلاج

المنشور التالي

عز لتونس

اقرأ أيضاً