لا تكتبِ التاريخَ شعراً، فالسلاحُ هُوَ
المؤرِّخ. والمؤرّخ لا يُصَابُ برعشة
الحُمَّى إذا سَمَّى ضحاياه ولا يُصْغي
إلى سرديّة الجيتار. والتاريخ يوميّاتُ
أَسِلحَةٍ مُدَوَّنةٌ على أَجسادنا. ((إنَّ
الذكيَّ العبقريَّ هو القويُّ)). وليس
للتاريخ عاطفةٌ لِنَشْعُرَ بالحنين إلى
بدايتنا، ولا قَصْدٌ لنعرف ما الأمام
وما الوراء… ولا استراحاتٌ على
سِكك الحديد لندفن الموتى، وننظُرَ
صَوْبَ ما فَعَلَ الزمانُ بنا هناك، وما
فَعَلْنا بالزمان. كأَنَّنا منهُ وخارجَهُ.
فلا هو منطقيٌّ أَو بديهيٌّ لنكسرَ
ما تَبَقَّى من خرافتنا عن الزمن السعيد،
ولا خرافيٌّ لنرضى بالإقامة عند أبواب
القيامِة. إنَّهُ فينا وخارجنا .. وتكرارٌ
جُنُونيٌّ من المِقْلاع حتى الصاعق النَّوَويِّ.
يصنعُنا ونصنعه بلا هَدَفٍ … هل
التاريخ لم يُولَدْ كما شئنا، لأن
الكائنَ البشريَّ لم يُوجَدْ؟
فلاسِفَةٌ وفنَّانونَ مَرُّوا من هناك….
ودوّن الشعراءُ يوميّاتِ أزهارِ البنفسج
ثم مروا من هناك …. وصدَّق الفقراءُ
أَخباراً عن الفردوس وانتظروا هناك….
وجاء آلهةٌ لإنقاذ الطبيعِة من أُلُوهيَّتِنا
ومَرُّوا من هناك. وليس للتاريخ
وَقْتٌ للتأمُّل, ليس للتاريخ مرآةٌ
وَوَجْهٌ سافرٌ. هو واقعٌ لا واقعيٌ
أَو خيالٌ لا خياليٌّ، فلا تكتبه.
لا تكتبه، لا تكتبه شعراً!
اقرأ أيضاً
خمرة في بابل قد صهرجت
خَمرَةٌ في بابِلٍ قَد صُهرِجَت هَكَذا أَخبَرَ حاخامُ اليَهود أَودَعوها جَوفَ دَنٍّ مُظلِمٍ وَلَدَيهِ بَشَّروها بِالخُلود سَأَلوا الكُهّانَ…
ما سبى عقلي المدام الرحيق
ما سَبى عَقلي المدام الرَحيقُ بَل جُفونٌ نَشوانُها لا يفيقُ حينَ غُصنُ الشَبابِ غَضٌّ وَريقٌ وَمَزاجُ الشَبابِ غَضٌّ…
من عول على صقلوا
مَنْ عَوَلْ عَلى صَقْلُوا وَلَم يَلْتَفِتْ عَقْلُوا يَتْحَذَّقْ إِذَ يَنْتَلِفْ فَصْلُوا يِتَحَقَّقْ ومَهْما يَرَى النُّقْطهْ يُرِيدْ أن يَكُون…
هذي ربى الأثلات من يبرين
هذي ربى الأثلات من يبرين والقاتلات لنا عيون العين فاذهب بلبك إن أسباب الهوى فتن العقول وعقلة المفتون…
أهل القدود التي صالت عواليها
أَهلَ القُدودِ الَّتي صالَت عَواليها اللَهَ في مُهَجٍ طاحَت غَواليها خُذنَ الأَمانَ لَها لَو كانَ يَنفَعُها وَاِردُدنَها كَرَماً…
ما عالج الناس مثل الحب من سقم
ما عالَجَ الناسُ مِثلَ الحُبِّ مِن سَقَمٍ وَلا بَرى مِثلُهُ عَظماً وَلا جَسَدا ما يَلبَثُ الحُبُّ أَن تَبدو…
لنا في الفخر أسنمة مطلة
لَنَا فِي الْفَخْرِ أَسْنِمَةٌ مُطِلَّة تَقُومُ عَلَى دَعَاويهَا الأَدِلَّهْ وَشَمْسُ الْحَقِّ مَنْظُورٌ سَنَاهَا عَلَى الشُّبَهِ الْمُخَيَّلَةِ الْمُخلَّهْ بَنِي…
أريد قطعة قرطاس فتعجزني
أُريدُ قِطعَةَ قِرطاسٍ فَتُعجِزُني وَجُلَّ صَحبِيَ أَصحابُ القَراطيسِ لَحاهُمُ اللَهُ مِن وُدٍّ وَمَعرِفَةٍ إِنَّ المَياسيرَ مِنهُم كَالمَفاليسِ