قَدَّْسَ اللهُ ذِكْرَهُ مِنْ صَبَاحٍ
ساحرٍ في ظِلالِ غابٍ جميلِ
كانَ فيه النَّسيمُ يرقُصُ سَكْراناً
على الوردِ والنَّباتِ البَليلِ
وضَبابُ الجبالِ يَنْسابُ في رفقٍ
بديعٍ على مُروج السُّهولِ
وأَغاني الرُّعاةِ تخفُقُ في الأَغوارِ
والسَّهْلِ والرُّبى والتُّلولِ
ورحابُ الفضاءِ تعبُقُ بالأَلحانِ
والعِطْرِ والضِّياءِ الجَميلِ
والملاكُ الجميلُ مَا بَيْنَ ريحانٍ
وعُشْبٍ وسِنديانٍ ظَليلِ
يتغنَّى مع العَصافيرِ في الغابِ
ويرنو إلى الضَّبابِ الكَسُولِ
وشعورُ الملاكِ ترقُصُ بالأَزهارِ
والضوءِ والنَّسيمِ العَليلِ
حُلُمٌ ساحرٌ به حَلُمَ الغابُ
فَوَاهاً لحُلْمِهِ المَعْسولِ
مِثْلُ رؤيا تَلوحُ للشَّاعرِ الفنَّانِ
في نشوَةِ الخيالِ الجَليلِ
قَدْ تَمَلَّيْتُ سحرَهُ في أناةٍ
وحنانٍ ولَذَّةٍ وذُهولِ
ثُمَّ ناديتُ حينما طفحَ السِّحْرُ
بأَرجاءِ قلبيَ المبتولِ
يا شُعورٌ تميدُ في الغابِ بالرَّ
يحانِ والنّورِ والنَّسيمِ البَليلِ
كَبِّليني بهاتِهِ الخِصَلِ المرخَاةِ
في فتنَةِ الدَّلالِ المَلُولِ
كبِّلي يا سَلاسلَ الحبِّ أفكا
ري وأحلامَ قلبيَ الضَّلِّيلِ
كبِّليني بكلِّ مَا فيكِ من عِطْرٍ
وسحرٍ مُقَدَّسٍ مَجْهولِ
كبِّليني فإنَّما يُصْبِحُ الفنَّان
حرًّا في مِثْلِ هذي الكُبولِ
ليت شعري كم بَيْنَ أمواجِكِ السُّو
دِ وطيَّاتِ ليلِكِ المسدولِ
مِنْ غرامٍ مذَهَّبِ التَّاجِ ميْتٍ
وفؤادٍ مصفَّدٍ مغلولِ
وزهورٍ من الأَمانيِّ تذوي
في شُحُوبٍ وخيبةٍ وخمولِ
أنتِ لا تعلمين واللَّيْلُ لا يعلَمُ
كم في ظلامِهِ مِنْ قَتيلِ
أَنتِ أُرْجوحَةُ النَّسيمِ فميلي
بالنَّسيمِ السَّعيدِ كلَّ مَمِيلِ
ودَعي الشَّمسَ والسَّماءَ تُسَوِّي
لكِ تاجاً من الضِّياءِ الجميلِ
ودَعي مُزْهِرَ الغُصُونِ يُغَشِّي
كِ بأَوراقِ وَردهِ المطلولِ
للشُّعاعِ الجميلِ أنتِ وللأنسا
مِ والزَّهر فالْعَبي وأَطيلي
يا عروسَ الجبالِ يا وردَةَ الآ
مالِ يا فتنةَ الوُجُودِ الجليلِ
ليتني كنتُ زَهْرَةً تتثنَّى
بَيْنَ طيَّاتِ شَعْرِكِ المصقولِ
أَو فَراشاً أَحومُ حولكِ مسحوراً
غريقاً في نشوتي وذُهُولي
أَو غصوناً أَحنو عليكِ بأَوراقي
حُنُوَّ المدَلَّهِ المتبولِ
أَو نسيماً أَضمُّ صدركِ في رِفقٍ
إلى صدريَ الخفوقِ النَّحيلِ
آهِ كم يُسْعِدُ الجمالُ ويُشْقي
مِنْ قلوبٍ شِعْرِيَّةٍ وعقولِ