أدِرْها بينَ مِزْمارٍ وعُودِ
ودونَكَ فاغْتَنِمْ زَمَنَ السّعودِ
فبُرْدُ الرّوْضِ مَرْقومُ الحَواشي
وَدرُّ الطّلِّ منْظومُ العُقودِ
وجُنْحُ اللّيلِ مَطْويُّ النّواحي
وضوْءُ الفَجْرِ منْشورُ البُنودِ
وخُذْها والبلابِلُ في خِصام
ونجْمُ الصُّبْحِ مُلْتَهِبُ الوَقودِ
عَرائِسُ في حُلى الكاساتِ تُجْلى
مورّدَةَ التَّرائِبِ والخُدودِ
خَطَبْناها وكانَ الأُنْسُ مَهْراً
وألْحانُ القِيانِ منَ الشُّهودِ
شُموساً كُلّما غَرَبَتْ ولاحَتْ
على الأفْواهِ تطلُعُ في الخُدودِ
وفاتِنَةِ اللِّحاظِ إذا تثَنّتْ
رأيْتَ الغُصْنَ يمْرَحُ في البُرودِ
غَزالَةِ رَبْرَبٍ ومَهاةِ قَفْرٍ
تَعوّدَ طَرْفُها صَيْدَ الأسودِ
فتُمْرِضُها بألحاظٍ مِراضٍ
وتُسْهِرُها بأجفانٍ رُقودِ
إذا ما اسْتَنْطَقَتْ نَغَم المَثاني
ثَنَيْنا هَزّةً قُضْبَ القُدودِ
حمِدُْت يدَ الزّمانِ عليَّ لمّا
نعِمْتُ بها علَى رَغْمِ الحَسودِ
أقولُ لصاحِبي والرّاحُ تَجْري
ووَرْدُ الأُنْسِ مَبْذولُ الوُرودِ
وقد ماسَتْ غُصونُ البانِ سُكْراً
منَ الأوْراقِ في خُضْرِ البُرودِ
تَهُزُّ يَدُ النّسيمِ الطّلَّ فِيه
فتَحْسِبُها ولائِدَ في مُهودِ
وإنْ قامَ الغَمامُ بِها خَطيباً
تَرى الإبْريقَ يُسْرِعُ في السّجودِ
جِنانٌ بَيْنَهُنّ الحورُ تَمْشي
أحَقّاً هَذِهِ دارُ الخُلودِ
تمتّعْ فالزّمانُ لَنا كفِيلٌ
بإيجازِ المؤمَّلِ والوعودِ
فقَد عادَ الزّمانُ اليومَ عِيداً
وهَزَّ البِشْرُ أعْطافَ الوجودِ
بأوْبَةِ يوسُفٍ رَبِّ الأيادي
ومُحْيي الدّينِ منْ بَعْدِ الخُمودِ
جَمالِ المُلْكِ مُبْتَدِعِ المَعالي
ثِمالِ الخَلْقِ مُنْتَجَعِ الوقودِ
نَمَتْهُ منَ الخَلائِفِ آلِ نَصْرٍ
أولي الغاياتِ منْ بأسِ وَجُودِ
ودانَ لهُ الزّمانُ فَدامَ فِيهِ
قَريرَ العيْنِ مَنْصورَ الجُنودِ