أَمَرتَني بِسَترِ كَشفِ غِطائي
إِذ أَرَتني صَباحَها في مَسائي
وَدَعَتني وَأَودَعَتني سِرّاً
في سُراها عَدَت بِهِ أَعدائي
وَنَهَتني إِذ نَبَّهَتني عَن بَثِّ
هَواها إِلى ذَوي الأَهواءِ
وَإِلى الفَجرِ أَوعَدتني وَفيهِ
وَعَدتني الإِبلالَ مِن بَلوائي
فَأَزاحَت خَوفَ الوَعيدِ بِوَعدٍ
قَبَضَ اليَأسَ مِنهُ بَسطُ رَجائي
وَعَلَيَّ المَوتُ بايَعَتني وَقالَت
مَن وَفى لي مَنَحتُهُ بِوَفائي
وَلِتَعليقِها المُنى بِالمَنايا
صِرتُ أَهوى مَنِيَّتي لِمُنائي
وَبِها إِذا قُضيتُ نَحبي قَضَت لي
بِمَقامِ الأَبرارِ وَالشُهَداءِ
وَمِنَ المَسجَدِ الحَرامِ إِلى
الأَقصى أَرَتني أَسِرَّةَ الإِسراءِ
وَأَقَرَّت بِنورِ نارِ قِراها
في قُراها بِناظِري أَحشائي
وَاِنثَنَت عِندَها اِنثَنَت لي إِماماً
سَدرَةُ المُنتَهى إِلَيها وَرائي
وَبِروباصِها تَهَيّا خَلاصي
مِن قَذى طينَتي فَراقَ صَفائي
وَوُرودُ السَرابِ مِنها ثَناني
مَورِداً لِلعِطاشِ بَعدَ ظَمائي
وَبِعَينِ الحَياةِ سِرتُ إِلى حَيٍّ
بِهِ المَوتُ مُنيَةَ الأَحياءِ
غَيَّبَتني مِن بَعدِما أَشهَدَتني
وَأَعادَت شَهادَتي بِنَداءِ
فَثَناني اِستِحياؤُها في اِنثِنائي
نَحوَها ماشِياً عَلى اِستِحياءِ
وَبِأَلطافِها إِلَيها دَعَتني
وَأَرَتني نُزولُها في سَمائي
بِكِتابٍ فيهِ شِفاءُ اِكتِئابي
مِن وَعيدِ القَلى بِوَعدِ اللِقاءِ
ناطِقٌ صامِتٌ مُبينٌ مُعمى
ساتِرٌ كاشِفٌ قَريبَ نائي
ظاهِرٌ باطِنٌ أَنيقٌ عَميقٌ
شاهِدٌ غائِبٌ عَنِ الأَغنياءِ
مُحكَمٌ ذو تَشابُهٍ وَاِئتِلافٍ
في اِختِلافِ الآياتِ وَالأَجزاءِ
فَعَلَيهِ جَعَلتُ وَقفاً فُؤادي
عِندَما جاءَ جامِعُ الأَشياءِ
وَإِلَيهِ عِندَ الخِصامِ اِحتِكامي
فَلِذا رُحتُ داحِضاً خُصَمائي
حَبَّذا ما بِهش حَبَّتني عَلى الهَجرِ
جَزاءً مِنها لِصِدقِ وَلائي
فَسَناها أَهدى لِعَيني ضِياها
وَهُداها أَسرى إِلَيَّ هُدائي
بِصَفاها مِمَنوعَةً أَن تَراها
عَينُ راءِ إِلّا بِوَصفِ الرائي
وَلِعجزي عَن أَن أَراها بِإِيّاها
بَدَت بِالصِفاتِ وَالأَسماءِ
فَعَلَيها ما دَلَّ قَلبي سِواها
وَإِلَيها لَم تَدَعُني بِسَوائي
وَلِهَذا شاهَدتُ آياتُ صَحبي
وَنَهاياتِ ما رَأَوا في اِبتِدائي