أُناسٌ كلُّها تُمسي تُرابا
بدارٍ كلُّها تُمسي خَرابا
فماذا نبتغي فيها بِناءً
وماذا نبتغي منها اكتسابا
تمرُّ النَّاسُ أفواجاً عليها
كما نَفَضَتْ عواصفُها السَّحابا
وتَخطِرُ فوقَها حيناً فتَبقَى
زماناً تحتها فاتَ الحسابا
هيَ الأُمُّ التي ضمَّت بنَيها
إلى أحشائِها ترجو الثَّوابا
يَشِبُّ على هواها كلُّ طِفلٍ
ولا ينسى المحبَّةَ حينَ شابا
غُرابُ البينِ يَنعَقُ كُلَّ يومٍ
بساحتها فَيقتَنِصُ العُقابا
رأينا الموتَ لا يبقي كريماً
ولا يخشى الملامَ ولا العتابا
رَمَى أسكارُسَ القِبطيَّ سهماً
فرَنَّ بكلِّ قلبٍ إذ أصابا
كريمٌ كانَ للعافي مَلاذاً
متى يُدعَى لحادثةٍ أجابا
تكبَّدَتِ القلوبُ ضِرامَ حزنٍ
عليهِ لو يَمَسُّ الصخرَ ذابا
وصارَ دمُ الدُّموع خِضابَ سُوءٍ
لمن صارَ السَّوادُ لها ثيابا
مضى متمتِّعاً بنعيم ربٍّ
دعاهُ إلى كرامَتِهِ انتِخَابا
حياةُ النَّاسِ في الدُّنيا طريقٌ
إلى الأُخرَى نسوقُ لها الرِّكابا
وأفضلُ مَشرَبٍ كأسُ المنايا
إذا كان النَّعيمُ بها شرابا