عجبت للبحر يطغى ثم ينقبض

عجبتُ للبحر يطغى ثم ينقبضُ

وصدرُه أبداً يعلو وينخفضُ

إذا تَجَعَّد وارتجّتْ طرائِقُه

تخاله مقشعرَّ الجلدِ ينتفضُ

تراه من نسماتِ الريحِ إنْ خَطَرَتْ

ينأَى بجانبه تيهاً ويمتعض

وموجةٍ تلو أُخرى ظلَّ يرسلُها

تحبو وتنزو وتكبو ثم تنتهض

تنداح أو تتلوى وهي جاريةٌ

وتسقيم عَلَى سَمْتٍ وتعترض

تلوثُ أذيالهَا طَوْراً وتسحبها

طوراً على الرملِ إذ تهوى وترتكض

تريك وهي عَلَى الأعقاب ناكصةٌ

مخالبَ الليثِ عن ملساءَ تندحضُ

شتى الهوى لم تنلْ من مسلكٍ غرضاً

حتى يكونَ لها في غيرِه غرض

كرَّاً وفرَّاً ومثل النوط ذبذبةً

بين التضاريسِ أو كالزقِ يمتخضُ

احذرْ من البحر لا تغررك هدأتُه

ولو تَماوتَ حتى ما به نَبَضُ

يرغو ويُزبد هدَّاراً ومصطخباً

ويزْبئرُ وقد ينزو وقد يغض

ترى الجبالَ إذا جاشتْ غواربُه

تسمو وتجري وتهوي وهي تنتقضُ

تقنَّعَ الأُفْقُ لما ثارَ من فَرَقٍ

وظلَّ يرعد من ذعرٍ ويرتمض

والشمسُ خَلْفَ أهاضيب السحاب لها

عينٌ عَلَى وَجَلٍ ترنو وتغتمض

تستصرخُ الريحَ إذْ ضلّتْ مدارجها

فيه فيهدي خطاها البرقُ إذ يمض

والأرضُ واجفةٌ مما تحاذره

منه عَلَى مَضَضٍ ما مثله مضض

جاري السماءَ بأطرافٍ له رحبتْ

لا النقصُ يدركها يوماً ولا الحَرَضُ

فهل رأيتَ حمى كالبحرِ ذا سعةٍ

لا يستباح وملكاً ليس ينقرض

لولاه ما نشأت سحْبٌ ولا هَطَلَتْ

مزْنٌ فما منه حتى بالسما عوض

فالأرضُ لو كنت تدري والسماءُ معاً

كلتاهما منه تستجدي وتقترض

ما بدَّلتْ يَدُ إنسانٍ محاسنَه

وَلا أقام على أثباجِه عرض

من لم تكنْ نفسُه بالبأس تمنعه

فليس يعصمه حُصْنٌ وَلا ربض


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

وسرحة باللوى وطفاء وارفة

المنشور التالي

إذا أصبح الجزار للسرب راعيا

اقرأ أيضاً